المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

372

على الإطلاق، واُخرى بشيء على تقدير وجود شيء اتّفاقاً، ومن غير ناحية هذه الإرادة.

وهذا البيان لو تمّ فالأولى تسميته بالبرهان، لا الوجدان، وإن عبّروا عنه بالوجدان(1).

وعلى أيّ حال، فهذا البيان ليس إلّا تلاعباً بالألفاظ؛ فإنّه إن اُريد بكلمة الإرادة الإرادة المطلقة وغير المنوطة، فافتراض كون صورة عدم الإرادة خارجةً



(1) لم أجد تعارف تسمية هذا الوجه بالوجه الوجدانيّ. وكأنّ مقصودهم من الوجه الذي سمّوه بالوجدان ـ وإن فرض قصور تعبيرهم عن أداء المقصود ـ هو: أنّه هل تفرض وجود إرادة ولو مشروطة ومعلّقة، أو لا؟

فإن فرض عدم الإرادة نهائيّاً، فهذا خروج عن محلّ البحث، ولا يبقى معه موضوع للبحث، وإن فرض وجود إرادة في الجملة، قلنا: هل الإرادة فعليّة قبل تحقّق الشرط، أو لا؟ فإن قيل: إنّها فعليّة قبل تحقّق الشرط، كان معنى ذلك رجوع الشرط إلى المراد، لا الإرادة؛ إذ لو كانت الإرادة مشروطة بشرط، فلا معنى لفعليّتها قبل فعليّة شرطها، وإن قيل: إنّها ليست فعليّة قبل تحقّق الشرط، فهذا خلاف الوجدان القاضي بوجود فرق نفسيّ قبل المرض بين من يبني على شرب الدواء إذا تمرّض، ومن يبني على ترك الدواء إذا تمرّض، أو على الأقلّ لا يبني على شربه إذا تمرّض.

وتسمية هذا البيان بالوجدان أنسب من البيان الذي نقل في المتن عن كلماتهم.

والواقع: أنّه يوجد في مقابل هذا الوجدان وجدان آخر حاكم بمعلّقيّة نفس إرادة شرب الدواء على المرض بوجه من الوجوه، أو قل: حاكم بوجود فارق نفسيّ في من يبني على شرب الدواء إذا تمرّض بين ما لو لم يتمرّض، وما لو تمرّض، وهذا الوجه وهو افتراض كون الشرط راجعاً للمراد لا الإرادة قد يشبع الوجدان الأوّل، ولكن الوجدان الثاني يبقى فارغاً وبلا تفسير، بينما الوجه المختار الذي يأتي في المتن يجمع بين الوجدانين.