المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

374

الوجه بلزوم ترشّح الإرادة إلى القيد، فكان جواب صاحب هذا الوجه عن ذلكبأنّنا نأخذ القيد عبارة عن الشرط بوجوده الاتّفاقيّ، وهذا الجواب ـ كماترى ـ إنّما يقتضي أن لا يبرز المولى شوقه إلى هذا الشرط، ولا يقتضي عدم شوقه في نفسه إليه؛ فإنّه غاية ما يفرض هي: أنّ هذا الشرط إنّما يكون بوجوده غير الناشئ من محرّكيّة هذا الشوق، وهذا إنّما يمنع من إبراز الشوق، وأمّا أصل الشوق، فهو موجود في نفس المولى ما دمنا نؤمن بأنّ الشوق إلى شيء يستتبع الشوق إلى مقدّمته، ولا يستطيع المولى أن يكبس نفسه.

هذا في الإرادة التشريعيّة، وأمّا في الإرادة التكوينيّة، فأيضاً نقول: إنّ غاية ما تقتضيه شرطيّة الوجود الاتّفاقيّ للقيد أن لا يكون شوقه إلى القيد محرّكاً له نحوه، لا أن لا يتحقّق الشوق إليه، اللّهم إلّا أن يفرض: أنّ الشرط إنّما هو خصوص ذلك الوجود من القيد الذي لم يتعلّق به الشوق التكوينيّ، أو التشريعيّ، إلّا أنّ هذا معناه شرطيّة مستحيلة؛ لأنّ انفكاك الاشتياق إلى الشيء من الاشتياق إلى مقدّمته محال.

فقد تحصّل: أنّ هذه النظريّة الاُولى غير صحيحة.

النظريّة الثانية: نظريّة المحقّق العراقيّ (رحمه الله)(1)، وهي: أنّ الإرادة المشروطة كالإرادة المطلقة فعليّة من أوّل الأمر، كما هو الحال على النظريّة الاُولى، ولكنّها تختلف عن النظريّة الاُولى في أنّ النظريّة الاُولى كانت تفترض: أنّ الإرادة مطلقة دائماً، ولهذا تكون فعليّة، غاية ما هناك أنّها: تارةً تتعلّق بشيء مطلق، واُخرى تتعلّق بشيء منوط ومقيّد بوجود شيء اتّفاقيّ، لكن هذه النظريّة تفترض: أنّ الإرادة المشروطة ليست مطلقة، وأنّ الشرط راجع إلى نفس الإرادة، ولكن إنّما



(1) راجع المقالات، ج 1، ص 310 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ، ونهاية الأفكار ج 1، ص 298 ـ 299 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.