المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

376

العطش من المرتوي لا يحدث في نفسه شوقاً إلى الماء فعلا؛ لأنّ الشوق ـ بحسب تركيب الإنسان ـ إنّما ينشأ من ملائمة قوّة من قواه، وحاجة من حاجاته النفسيّة لشيء يكمّله، ويجبر نقصه الذي يحسّ به، والمرتوي بالفعل لا يناسب قواه شرب الماء، بل قد يكون مضرّاً بحاله، والشوق فرع الملائمة حقيقة، لا تصوّر الملائمة(1).

النظريّة الثالثة: نظريّة المحقّق النائينيّ (رحمه الله)، وهي: أنّ وجود الإرادة المشروطة كالمطلقة فعليّ من أوّل الأمر، كما هو الحال على النظريّتين السابقتين، إلّا أنّ وجود الإرادة المشروطة عبارة عن وجود إرادة معلّقة، بينما وجود الإرادة



(1) وبكلمة اُخرى: هل يقصد المحقّق العراقيّ (رحمه الله) دخل مجرّد الوجود اللحاظيّ التصوّريّ للمرض مثلا في الشوق إلى ذات شرب الدواء، فبمجرّده يصبح الشوق إلى الدواء فعليّاً، ولكن فاعليّته بتحريكه نحو الشرب تتأخّر لحين التصديق بالمرض، أو يقصد دخل مجرّد الوجود اللحاظيّ التصوّريّ للمرض في الشوق، لا إلى ذات شرب الدواء، بل إلى شربه على تقدير المرض، أو يقصد دخل الوجود اللحاظيّ التصديقيّ للمرض بالعلم الحصوليّ أو الحضوريّ في الشوق إلى شرب الدواء؟

فإن قصد الأوّل، فهو خلاف الوجدان القاضي بأنّ مجرّد لحاظ الشرط تصوّراً كالمرض أو العطش لا يخلق الشوق إلى الجزاء من شرب الدواء أو الماء، وأنّ التفكيك بين فعليّة الشوق وفاعليّته مع القدرة على تحصيل المشتاق إليه أمر غير معقول.

وإن قصد الثاني، رجع إلى إرجاع القيد إلى المراد الذي فرغنا وفرغ هو عن بطلانه.

وإن قصد الثالث كما هو المفهوم من نهاية الأفكار، بل والمقالات، كان هذا المقدار من البيان عاجزاً عن تفسير الوجدان الحاكم بالفرق النفسيّ بين من لم يتمرّض ويعلم أنّه لا يتمرّض أبداً، أو يحتمل ذلك، ولكنّه بان على شرب الدواء لو تمرّض، ومن لم يتمرّض ويعلم أنّه لا يتمرّض، أو يحتمل ذلك، ولكنّه بان على عدم شرب الدواء حتّى على تقدير المرض، أو غير بان على أحد الطرفين.