المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

380

الاُولى برهاناً على كون إرادة الواجب مطلقة، وهو: أنّه لو لم تكن مطلقة وثابتة قبل الشرط فكيف تبعث نحو الخطاب قبل الشرط؟

وقد أجبنا عن ذلك بجواب إجماليّ، وهو: أنّه من باب المقدّمات المفوّتة، وهنا يظهر تفصيله، حيث نقول: إنّ الخطاب إنّما هو بمحرّكيّة الإرادة الثانية، وهي إرادة مطلقة وفعليّة، فالتحريك نحو بعض المقدّمات وإن كان برهاناً على فعليّة الإرادة وإطلاقها، لكن ليست هي إرادة الجزاء كما تخيّل، بل إرادة الجامع بين عدم الشرط ووجود الجزاء، فحيث إنّه يبغض عطشاً لا ماء معه، ويرى أنّه لو لم يوجد الخطاب الآن، فسوف يوجد عطش لا ماء معه، فلذا يوجد الخطاب الآن.

هذا تمام ما ينبغي أن يقال في المرحلة الثانية، وهي مرحلة الإرادة والشوق.

وحينئذ فإن قلنا: إنّ الحكم في عالم الثبوت ليس له عدا مرحلتين: مرحلة الملاك، ومرحلة الإرادة والشوق، وبعد تماميّتهما يبرز المولى هذه الإرادة والشوق: إمّا بصياغة إخباريّة كقوله: (اُريد كذا)، أو إنشائيّة، كقوله: (افعل كذا) لم يبقَ بحث آخر بلحاظ عالم الثبوت ونفس المولى، وهذا الإبراز الذي لا يكون الاختلاف فيه من ناحية الإنشائيّة أو الإخباريّة إلّا مجرّد تفنّنات في التعبير يكشف بالدلالة المطابقيّة عن الإرادة المشروطة لنفس الفعل، وبالالتزام عن الإرادة المطلقة للجامع بين الفعل وعدم الشرط، وحيث إنّ العقل ينتزع من الخطاب الباعثيّة والمحركيّة لأجل كشفه عن إرادة المولى، وقد فرضنا هنا إرادتين: مطلقة ومشروطة، فالعقل ينتزع هنا باعثيّتين: مطلقة ومشروطة(1).



(1) قد يقال: لو فرض في الواجب المشروط تعلّق الإرادة بالجامع بين عدم الشرط ووجود المشروط، إذن لا يمكن إجراء البراءة عن الواجب عند الشكّ في تحقّق الشرط