المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

384

الصحيح هو الأوّل. والبرهان على ذلك يتمّ على أساس الالتفات إلى أمر، وهو: أنّ ما يكون قيداً في الواجب ولا يكون قيداً للوجوب لابدّ من كونه محرَّكاً نحوه بذاك الوجوب؛ لأنّ فرض كونه قيداً للواجب لا للوجوب هو فرض كون الوجوب فعليّاً قبل ذاك القيد، وفرض فعليّة الوجوب هو فرض فاعليّته، فهو يحرّك قبل تحقّق القيد نحو المقيّد، فبالتالي يحرّك نحو القيد لا محالة، حيث إنّ المقيّد لا يتحقّق إلّا بتحقّق القيد، وافتراض التحريك نحو المقيّد من دون كون ذلك تحريكاً نحو قيده أمر غير معقول؛ إذ المقيّد لا يتقوّم ولا يوجد خارجاً إلّا بقيده، فينبغي افتراض استحالة ذلك أصلا موضوعيّاً، والكلام على ضوئه في بيان الضابط في القيود التي يمكن سحبها من الوجوب إلى الواجب، والقيود التي لا يمكن فيها ذلك، فنقول بعد افتراض ذلك الأصل الموضوعيّ:

إنّ القيود ـ كما عرفنا في ما سبق ـ على قسمين:

الأوّل: ما يكون دخيلا في فعليّة اتّصاف الشيء بالمصلحة، كدخل برودة الهواء في اتّصاف إشعال النار بالمصلحة.

والثاني: ما يكون دخيلا في ترتّب المصلحة على الشيء خارجاً بعد فرض فعليّة الاتّصاف سابقاً، كدخل سدّ الأبواب والمنافذ في ترتّب الدفء على إشعال النار:

أمّا القسم الأوّل: فهي تارةً تكون اختياريّة، وأقصد بذلك ما يعقل الإلزام بها من قبل المولى، واُخرى تكون غير اختياريّة، وأقصد بذلك ما لا يعقل الإلزام بها من قبل المولى، سواء كان ذلك لأجل خروجه عن قدرة المكلّف، أو لأجل كون الدخيل خصوص الحصّة التي تتحقّق صدفةً واتّفاقاً:

أمّا ما يكون اختياريّاً، فلا يعقل سحب القيد فيه من الوجوب إلى الواجب؛ إذ بذلك يصبح الوجوب محرّكاً نحوه على ما أسّسناه من الأصل الموضوعيّ، بينما