المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

386

أمّا الاختياريّ منها فيؤخذ قيداً في الواجب، ويطلق الوجوب من ناحيته؛ لأنّ المقتضي موجود، وهو الدخل في وجود المصلحة بعد فرض فعليّتها، والمانع مفقود، وهو لزوم التحريك نحو أمر غير اختياريّ، لأنّنا فرضنا: أنّه اختياريّ.

وأمّا غير الاختياريّ منها، كما لو كان طلوع الفجر قيداً في ترتّب المصلحة على الصوم، لا في اتّصاف الصوم بالمصلحة، فلا يعقل سحبه من دائرة الوجوب، وأخذه محضاً في دائرة الواجب، بل لابدّ مضافاً إلى أخذه في دائرة الواجب من أخذه في دائرة الوجوب، ولا يعقل إطلاق الوجوب، لا لعدم المقتضي، فلو أمكن للمولى جعل الوجوب المطلق لجعله؛ لكون القيد دخيلا في ترتّب المصلحة الفعليّة،بل لوجود المانع، وهو أنّ الوجوب لو كان مطلقاً، كان محرّكاً بالفعل نحو المقيّد حتّى في حالات عدم وجود القيد، وهذا تحريك نحو أمر غير اختياريّ.

فتحصّل: أنّ قيد الاتّصاف مطلقاً، وقيد الترتّب إذا كان غير اختياريّ لابدّ من أخذه قيداً في الوجوب.

نعم، نستثني من ذلك من قيود الاتّصاف حالة واحدة، وهي ما لو أحرز المولى بنفسه تحقّق القيد بنحو القضيّة الخارجيّة في حقّ كلّ المكلّفين بهذا التكليف، فعلم مثلا أنّ الفلك يتحرّك، وأنّ الفجر سوف يطلع قبل أن تقوم القيامة، فحينئذ لا بأس بعدم تقييد الوجوب بهذا القيد، فإنّه مع ضمان وجود القيد يكون المقيّد به اختياريّاً حتّى لو كان القيد غير اختياريّ، فلا يلزم التحريك نحو غير المقدور.

بقيت الإشارة إلى شيء، وهي: أنّ ما تعقّلناه في المرحلة الثالثة من الوجوب المشروط لا يعني المقايسة التامّة لباب الأحكام بباب القضايا الحقيقيّة التكوينيّة، من قبيل (النار محرقة) كما يفهم من كلمات المحقّق النائينيّ (رحمه الله)، حيث إنّه بعد أن تعقّل الواجب المشروط ذكر: أنّ الحكم في الواجب المشروط قضيّة شرطيّة حالها حال القضايا الحقيقيّة التكوينيّة، من قبيل (النار محرقة) التي مرجعها إلى قضيّة