المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

387

شرطيّة، وهي (إن وجدت النار، فهي تحرق)، وكما أنّ تلك القضايا الحقيقيّة لها مرحلتان: مرحلة القضايا الشرطيّة، ومرحلة فعليّة الجزاء عند فعليّة الشرط، كذلك الحكم الشرعيّ له مرحلتان: مرحلة الجعل التي ترجع إلى قضيّة شرطيّة، ومرحلة المجعول، وهي مرحلة فعليّة الجزاء عند فعليّة الشرط(1).

وهذه المقايسة بين القضيّة الحكميّة والقضيّة الحقيقيّة التكوينيّة بلحاظ المرحلة الاُولى صحيحة، لكن بلحاظ المرحلة الثانية غير صحيحة، فإنّ قضيّة (النار محرقة) لها مرحلة فعليّة، وهي مرحلة فعليّة الجزاء بفعليّة الشرط، لكن القضيّة الحكميّة ليست كذلك، على ما تقدّمت الإشارة إليه.

وحاصل الكلام في ذلك: أنّ الحاكم بالحكم التشريعيّ وإن كان يقدّر الشرط، ويحكم على تقديره، كما هو الحال أيضاً في الحكم بقضيّة شرطيّة تكوينيّة، لكن مع ذلك حينما يتحقّق الشرط لا تتحقّق للجزاء فعليّة ـ بالدقّة ـ وإن كانت تتحقّق الفعليّة في القضايا الشرطيّة التكوينيّة.

والبرهان على ذلك: أنّ ما يفرض تحققّه عند تحقّق الشرط في الحكم الفعليّ هل نسبته إلى الجعل في القضيّة الشرطيّة نسبة المجعول إلى الجعل، بمعنى: أنّ الجعل جعلٌ له، أو نسبة المسبّب إلى السبب؟

فإن فرض: أنّ نسبته إليه نسبة المجعول إلى الجعل، فهذا غير معقول؛ لأنّ المجعول مع الجعل كالوجود مع الإيجاد، والوجود عين الإيجاد، بينما في المقام الجعل والاعتبار إنّما هو جعل واعتبار للقضيّة الشرطيّة، لا للجزاء الذي فرض القائل بوجود مرحلتين للحكم: أنّ وجوده الفعليّ بعد الجعل، وعند تحقّق الشرط.



(1) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 127 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق السيّد الخوئيّ (رحمه الله)، وفوائد الاُصول، ج 1، ص 175 ـ 177 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.