المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

389

فتحصّل: أنّ الشقوق كلّها باطلة، إذن فالحكم المجعول والمعتبر ليس له وجود إلّا نفس وجوده في اُفق النفس والاعتبار عند الجعل على نحو القضيّة الشرطيّة.

نعم، فاعليّة هذا الحكم ومحرّكيّته لا تكون إلّا عند فعليّة الشرط وانطباقه على شخص معيّن، فوجوب الحجّ على المستطيع يستحيل أن يحرّك الفقراء مثلا ماداموا فقراء.

نعم، لا بأس بأن يقال بوجود مجعول عند تحقّق الشرط مسامحة؛ حيث إنّ المولى كأنّه يتصوّر عند الجعل مجعولا خارجيّاً في زمان تحقّق الشرط، ويجعله على تقدير تحقّق الشرط، وهذه وإن كانت نظرة غير واقعيّة لكنها تصوير عرفيّ يجري عليه العقلاء، ويتطابق عليه الفهم العرفيّ؛ حيث إنّ المجعول والمعتبر حينما يرى بالنظرة الفنائيّة كأنّه يرى خارجيّاً، ومع هذه النظرة انساق المحقّق النائينيّ (رحمه الله)، فادّعى وجود مرحلتين: مرحلة الجعل، ومرحلة فعليّة المجعول، فنحن لا ننكر تعدّد الجعل والمجعول بالنظرة العرفيّة، وإنّما ننكر ذلك بالنظرة الدقّيّة، ويترتّب على إنكاره بالنظرة الدقّيّة حلّ إشكال الشرط المتأخّر(1) بلحاظ المجعول كما مضى، ويترتّب على قبوله بالنظرة العرفيّة صحّة استصحاب بقاء المجعول في موارد الشكّ في بقاء الحكم كما يأتي ـ إن شاء الله ـ في محلّه.

الإشكال بلحاظ عالم الإثبات:

المقام الثاني: في إشكال رجوع القيد إلى الوجوب بلحاظ عالم الإثبات.

وهذا الإشكال إنّما يكون فيما إذا اُفيد الوجوب بمثل صيغة الأمر، لا بمفهوم اسميّ، كما لو قال: «وجوب الحجّ مشروط بالاستطاعة»، فإنّ الإشكال يكون من ناحية أنّ الوجوب مفاد الهيئة التي يعتبر معناها من المعاني الحرفيّة والنسب، وليست المعاني الحرفيّة والنسب قابلة للتقييد، فلابدّ من إرجاع القيد إلى شيء



(1) يقصد(قدس سره) بذلك: حلّ إشكال الشرط المتأخّر للوجوب.