المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

390

آخر غير الهيئة، ومن هنا تأتي فكرة إرجاع القيد إلى الواجب.

والاستشكال في قابليّة المعنى الحرفيّ للتقييد له تقريبان نذكرهما في المقام منبّهين قبل ذلك إلى أنّ كلامنا هنا إنّما هو في تقييد النسبة التامّة(1)، وأمّا النسبة الناقصة فقد عرفت فيما مضى أنّها نسبة تحليليّة، فلا وجود حقيقيّ لها في الذهن حتّى تقبل التقييد، وإنّما الموجود في الذهن هو المفهوم الاسميّ.

التقريب الأوّل: أنّ المعنى الحرفيّ جزئيّ، ويكون الحرف موضوعاً للنسب الجزئيّة على حدّ الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، والجزئيّ الحقيقيّ لا يقبل التقييد، وإنّما قبول التقييد شأن المفاهيم الكلّيّة.

وتحقيق حال هذا التقريب مرتبط ـ في الحقيقة ـ بمعرفة ما يُتبنّى من الجزئيّة للمعنى الحرفيّ، ويختلف اُسلوب البحث فيه باختلاف المعاني المختلفة لجزئيّة المعنى الحرفيّ، ونحن هنا نتكلّم على المبنى الذي اخترناه في بحث المعاني الحرفيّة في جزئيّة المعنى الحرفيّ، فقد اخترنا هناك جزئيّة المعنى الحرفيّ بمعنى جزئيّة ما وضع له الحرف من النسبة في مقابل طرفيها، لا الجزئيّة على الإطلاق وفي مقابل كلّ شيء، حيث قلنا: إنّ النسب تختلف وتتباين باختلاف الطرفين في كلّ نسبة؛ لتقوّم كلّ نسبة بطرفيها، فلا يعقل انتزاع جامع بينها يكون هو المعنى



(1) يقصد (رحمه الله) بالنسبة التامّة والناقصة في المقام: النسبة التي لا توحّد الطرفين المستقلّين، كما في النسبة الظرفيّة بين زيد والمسجد في قولنا: «زيد في المسجد»، والنسبة التي توحّدهما وتخلق منهما حصّة واحدة لمعنىً استقلاليّ واحد كما في نسبة الإضافة في قولنا: «غلام زيد»، فلا يعترض بأنّ نسبة الظرفيّة في المثال الآتي في المتن، وهو (زيد في المسجد) ليست تامّة، لأنّ صحّة السكوت لم تنشأ منها، بل نشأت من النسبة الخبريّة بين (زيد) و(في المسجد).