المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

399

الإرادة التكوينيّة عن المراد كذلك يستحيل انفكاك الإرادة التشريعيّة عن المراد، فإذن لا يمكن أن تكون الإرادة التشريعيّة مطلقة وثابتة من حين الغروب، ويكون المراد مقيّداً بطلوع الفجر، فتكون الإرادة فعليّة دون المراد.

ولنرجع إلى كلّ واحدة من المقدّمتين لنرى البيان التفصيليّ لها، فنقول:

المقدّمة الاُولى: أنّ الإرادة التكوينيّة لا يمكن أن تنفكّ عن المراد. وتوضيح ذلك: أنّ جسم الإنسان تارة يتحرّك كتحرّك الحجر والماء حركة ناشئة من أسباب خارجيّة بلا ربط للنفس الإنسانيّة المدبّرة لذلك، وهذه هي الحركة غير الاختياريّة، وهي خارجة عن محلّ الكلام، فإنّنا نتكلّم في الحركات الاختياريّة، واُخرى يتحرّك بالتحريك الذي يتميّز به الإنسان عن الجمادات، وهو التحريك الناشئ ممّا أودعه الله سبحانه في جسم الإنسان من قوّة عضليّة منبثّة في الجسم، تثير الجسم وتحرّكه، وهذا التحريك من شؤون النفس البشريّة في مرتبة القوى العضليّة المنبثّة في الجسم، فإنّ للنفس البشريّة مراتب، منها هذه المرتبة. وهذا التحريك لا يكفي في حصوله مطلق الشوق؛ إذ نرى وجداناً أنّه قد يحصل الشوق بمرتبة ضعيفة مبتلاة بمانع، فلا يؤثّر، كما أنّه لا يمكن أن ينشأ هذا التحريك من الأسباب الخارجيّة، وإلّا لكان خلف نفسانيّته، وإنّما ينشأ من أسباب نفسيّة، وبهذا اختلف عن تحرّك الجماد، فالمؤثّر والفاعل في ذلك لابدّ أن يكون نفسانيّاً، وليس هو مطلق الشوق كما بيّنّا، فلابدّ أن نلتزم أنّ المقتضي لهذا التحريك الذي هو من شؤون مرتبة القوى العضليّة هو الشوق بدرجة خاصّة يمكننا أن نصطلح عليها لتسهيل العبارة بالشوق الكامل.

والشوق أيضاً يكون من الاُمور النفسانيّة، وهو في مرتبة القوى النفسانيّة التي تكون أعلى من مرتبة القوى العضليّة والجسميّة، فيكون تحريك العضلات بملاك تأثير أمر نفسانيّ في أمر نفسانيّ.