المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

402

فعلا نفسانيّاً محضاً، دون ما لو لم يكن كذلك، فهذا لا يكون برهاناً على استحالة انفكاك الإرادة التشريعيّة عن المراد، فإنّه إذا كان متعلّق الشوق أمراً طبيعيّاً خارجيّاً، إلّا أنّه مسبّب توليديّ لحركة العضلات، أو كان مزيجاً من فعل نفسانيّ وغيره، بأن قيّد تحريك العضلات بقيد خارجيّ كطلوع الفجر، فلا استحالة في تخلّف الشوق الكامل عن متعلّقه؛ لأنّ متعلّقه الخارجيّ أو قيد متعلّقه الخارجيّ يخضع لقوانين طبيعيّة خارجة عن اختيار النفس، فلو تعلّقت الإرادة التشريعيّة بالاحتراق الذي يتأخّر مثلا ـ بحسب العوامل الطبيعيّة ـ عن إلقاء الورقة في النار الذي هو فعل النفس، أو تعلّقت بالصوم المقيّد بطلوع الفجر، وقيده الذي هو طلوع الفجر يخضع لعوامل خارجيّة، وليس تحت اختيار النفس، فأيّ استحالة في تخلّف الشوق عن المشتاق إليه؟!

التقريب الثاني: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) في تعليقته على الكفاية(1)، من أنّ مطلق الشوق ليس هو الإرادة، وإنّما الشوق يكون إرادة إذا وصل إلى درجة تحرّك العضلات، فالإرادة التكوينيّة عبارة عن الشوق الواصل إلى درجة تحرّك عضلات الفاعل نحو الفعل، والإرادة التشريعيّة عبارة عن الشوق الواصل إلى درجة تحرّك عضلات المولى نحو بعث العبد إلى الفعل، وعليه فإيجاد الباعث من قبل المولى شرط أساس للإرادة التشريعيّة، ومادام لم يصل شوقه إلى درجة أن يحرّكه نحو إيجاد الباعث، لم تتمّ الإرادة التشريعيّة، وبما أنّ الباعثيّة مع الانبعاث متضايفان، فالإرادة المولويّة التي لا تنفكّ عن إيجاد الباعث لا تنفكّ أيضاً عن انبعاث العبد، إلّا أنّ المقصود من إيجاد الباعث ليس هو إيجاد الباعث الفعليّ، وإلّا



(1) ج 2، ص 76 ـ 79 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، وراجع (بحوث في الاُصول) للشيخ الإصفهانيّ، ص 59 ـ 60 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.