المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

403

لما انفكّ عن الانبعاث الفعليّ؛ لكونهما متضايفين، في حين أنّه يحصل الانفكاك عن الانبعاث الفعليّ في العاصي دائماً، وإنّما المقصود إيجاد ما يمكن أن يكون باعثاً، وإمكان الباعثيّة لا ينفكّ ـ بحكم التضايف ـ عن إمكان الانبعاث، إذن فالإرادة المولويّة لا يمكن أن تنفكّ عن إمكان الانبعاث، وفي الواجب المعلّق يكون الانبعاث نحوه قبل تحقّق شرط الواجب الذي هو طلوع الفجر مثلا في الصوم غير ممكن، ولا يمكن الانبعاث إلّا حين تحقّق الشرط، إذن لا يمكن البعث إلّا حين تحقّق الشرط، وبالتالي لا يمكن الإرادة المولويّة إلّا حين تحقّق الشرط.

وهذا البيان غير صحيح حلاًّ ونقضاً:

أمّا الحلّ: فيتّضح بشيء من التحليل والتعمّق فيما ذكره: من أنّ الشوق التشريعيّ لا يكون إرادة تشريعيّة، إلّا إذا وصل إلى حدّ يحرّك عضلات المولى نحو البعث، فإنّه لا ينبغي أن يكون المراد بذلك تفسير كلمة الإرادة بمعناها اللغويّ، أو العرفيّ، أو الفلسفيّ؛ إذ لا شغل لنا بذلك، وإنّما ينبغي أن يكون المراد تعيين ما هو موضوع حكم العقل لوجوب الامتثال، فيقال: إنّ موضوع حكم العقل لوجوب الامتثال ليس هو مطلق شوق المولى حتّى ما لم يصل إلى مرتبة تحريك عضلات المولى نحو ما بيده من مقدّمات المطلب، وهو الحكم والخطاب، فإنّ العقل غاية ما يوجب على العبد في مقام العبوديّة أن تكون عضلاته وقواه بمنزلة عضلات المولى وقواه، فالشوق الذي لا يحرّك عضلات المولى نحو إبرازه بداعي تحقيق الغرض لا يجب أن يحرّك العبد نحو تحقيق المطلوب، فالشوق الذي يجب على العبد أن يتحرّك وفقاً له إنّما هو الشوق الذي يحرّك عضلات المولى في مقام إبرازه وطلب مقصوده، فإذا عرفنا أنّ هذه هي نكتة اشتراط وصول الشوق إلى حدّ التحريك في الإرادة التشريعيّة، قلنا: إنّ هذه النكتة لا تقتضي اشتراط أن يصدر من المولى ما يمكن أن يكون باعثاً للعبد بالفعل، بل يكفي بلحاظها أن يصدر منه