المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

404

إنشاء يكون في معرض الباعثيّة للعبد في عمود الزمان، فإنّ هذا المقدار كاف لحكم العقل على العبد بالانبعاث في وقت الواجب، سواء كان باعثاً بالإمكان فعلا، أو لا.

وأمّا النقض: فهو ما التفت إليه المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) نفسُه في تعليقته على الكفاية(1)، من إمكان النقض بموارد الواجب المنجّز المقيّد بفعل زمانيّ لابدّ أن يقع قبله، كما لو أمر بالصلاة المقيّدة بوقوع الوضوء قبلها، فالواجب لم يقيّد بالزمان المتأخّر، فهو منجّز، والوجوب فعليّ في أوّل آنات الزمان، مع أنّ الوجوب لا يمكن أن يكون باعثاً فعلا على الصلاة؛ إذ الانبعاث فعلا نحو الصلاة المقيّدة بالوضوء غير معقول، وإنّما المعقول أن ينبعث أوّلا نحو الوضوء، ثُمّ ينبعث نحو الصلاة.

وأجاب (رحمه الله) عن هذا النقض بأنّ المقصود من إمكان الانبعاث الذي جعلناه شرطاً في تحقّق الإرادة المولويّة إنّما هو الإمكان الوقوعيّ.

وتوضيح ذلك: أنّ الإمكان عندهم له عدّة أقسام وإطلاقات، فيوجد الإمكان الذاتيّ في مقابل الامتناع الذاتيّ، ويوجد الإمكان الغيريّ، ويوجد الإمكان الوقوعيّ.

والفرق بين الإمكان الوقوعيّ والإمكان الغيريّ هو: أنّ الميزان في الإمكان بالغير والامتناع بالغير هو وجود علّة الشيء وعدمه، فثبوت ولد لزيد الذي لم يتزوّج إلى الآن ممتنع بالغير؛ لعدم وجود علّته، والميزان في الإمكان الوقوعيّ هو أن لا يلزم من وقوعه أمر محال، أي: أن تكون علّته ممكنة سواء وجدت أو لا، فثبوت ولد لزيد الذي لم يتزوّج ممكن بالإمكان الوقوعيّ؛ لأنّ علّته وهي الزواج



(1) ج 2، ص 77 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.