المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

405

مثلا ممكن وإن لم يقع، ولكن ثبوت الولد لله سبحانه ممتنع بالامتناع الوقوعيّ؛ لاستحالة علّته في حقّه تعالى، لاستحالة أن يتجسّم الباري بنحو من أنحاء التجسّم.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) ذكر: أنّ المراد من إمكان الباعثيّة والانبعاث في المقام هو الإمكان الوقوعيّ، وهو غير ثابت في مثال إيجاب صوم النهار من أوّل الليل؛ إذ يلزم من وقوع صوم النهار في أوّل الليل أمر مستحيل بالذات؛ إذ لو وقع الصوم بلا قيده، فليس هو المطلوب، ولو وقع مع قيده، لزم اجتماع الزمانين المتأخّر والمتقدّم دفعة واحدة، ولكن الصلاة في أوّل الوقت بالنسبة لهذا الشخص ليست مستحيلة بالاستحالة الوقوعيّة، وإنّما هي مستحيلة بالغير؛ لأنّ الوضوء ليس أمراً مستحيلا، إلّا أنّه بعدُ لم يقع.

ثُمّ التفت (رحمه الله) في حاشيته على الحاشية(1) إلى أنّ الوضوء وإن كان أمراً ممكناً في عمود الزمان، لكن لا يمكن وقوعه مع الصلاة دفعة واحدة؛ لكونهما تدريجيّين، فوقوعهما في آن واحد مستحيل استحالة وقوعيّة، ويوجب الخلف والتناقض، فبالتالي وجود الصلاة في آن الوضوء مستحيل استحالة وقوعيّة، فلا يمكن الانبعاث ولا البعث، ومن هنا بَدَّلَ الجواب بجعل الميزان هو الإمكان الوقوعيّ إلى الإتيان بمعنىً جديد للإمكان، وهو الإمكان الاستعداديّ، وفسّره بكون القوى العضليّة تامّة القابليّة للتحرّك نحو الشيء، وتامّة التهيّؤ والاستعداد في مقابل أن تكون قواه مشلولة مثلا، فذَكَر: أنّ الإنسان في أوّل الوقت يمكنه الصلاة المقيّدة بالوضوء بمعنى الإمكان الاستعداديّ، أي: أنّ قوى العضلات لا نقص فيها في مقام التحرّك نحو القيد وهو الوضوء، ولا نحو المقيّد وهو الصلاة، غاية ما



(1) راجع نفس المصدر تحت الخطّ، ص 77 ـ 78.