المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

406

هناك: أنّ خروج ما بالإمكان وبالقوّة إلى الفعل يكون بالتدريج، فأوّلا يخرج الإمكان والقوّة إلى الفعل في الوضوء، ثُمّ في الصلاة، وأمّا في مثل صوم النهار، فالإمكان الاستعداديّ له في أوّل الليل غير موجود؛ لأنّ القوى العضليّة ناقصة، وعاجزة عن إيجاد القيد بأن تحرّك الفلك وتُخرِج الفجر، وبالتالي عاجزة عن إيجاد المقيّد بهذا القيد الخارج عن إمكانها واستعدادها.

أقول: إنّ هذا الكلام أيضاً لا يسمن ولا يغني من جوع؛ إذ لا دخل للإمكان الاستعداديّ في التكليف أصلا، وإلّا فماذا تقولون في إنسان مشلول لا يقدر على المشي، لكنّه يقدر على علاج نفسه؟ ألا يمكن للمولى أن يأمره بالمشي بأن يصبح علاج نفسه مقدّمة وجوديّه للواجب؟! وهل ترى: أنّ أمره بالمشي يجب أن يكون مشروطاً ببرئه وعلاج نفسه بأن يصبح العلاج مقدّمة وجوبيّة؟!

من الواضح وجداناً إمكانيّة إيجاب المشي عليه بحيث يصبح العلاج مقدّمة وجوديّة للواجب(1).

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: إمكان الواجب المعلّق في قيد يمكن للمولى ضمان حصوله، كقيد طلوع الفجر وأمثاله من حركات الزمان.



(1) يمكن للمحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) أن يغيّر الجواب أيضاً، فيقول: لابدّ أن يكون الانبعاث نحو المتعلّق، أي: باتّجاهه ممكناً، والانبعاث نحو المقدّمة انبعاث نحو ذي المقدّمة، بمعنى الانبعاث باتّجاهه، فإذا توقّفت الصلاة على الوضوء مثلا صحّ الأمر بالصلاة؛ لأنّ الأمر بالصلاة بعثٌ نحو الصلاة بمعنى إيجاد ما يمكن أن يكون باعثاً باتّجاه الصلاة، والتحرّك نحو مقدّمة الصلاة تحصيلا لإمكانيّة الصلاة كي يصلّي بعد ذلك نوع اتّجاه نحو الصلاة، وهذا بخلاف الواجب المعلّق المقيّد بقيد استقباليّ خارج عن القدرة؛ فإنّ وجوبه قبل تحقّق قيده لا يمكن أن يحرّك العبد نحو الواجب وباتّجاهه حتّى بالتحرّك نحو القيد؛ لأنّه غير مقدور بحسب الفرض، فالمهمّ هو الجواب الحلّيّ.