المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

411

وتوضيح ذلك: أنّه في الفروض المتعارفة من الشرط المتأخّر يفرض أنّ زمان الوجوب وزمان الواجب متقارنان، وكلاهما متقدّم على زمان الشرط، فكنّا نحلّ مشكلة تأثير الشرط المتأخّر في توليد الاحتياج في الزمان المتقدّم بافتراض: أنّ الشرط المتأخّر يؤثّر في توليد الاحتياج في وقته، لا في وقت سابق عليه، إلّا أنّ المحتاج إليه هو سنخ شيء لا يمكن تحصيله في وقت الحاجة، فيأمر المولى بتحصيله قبله، أو أنّ المحتاج إليه عبارة عن الجامع بين الحصّة التي تُحصَّل في وقت الحاجة والحصّة التي تُحصَّل قبله، فالمولى يقدّم الوجوب حتّى يكون المكلّف حرّاً في إيجاد أيّ واحدة من الحصّتين قضاءً لحقّ إطلاق اتّصاف الفعل بالملاك من ناحية الحصص، وأمّا فيما نحن فيه، فالمفروض أنّ زمان الواجب مقارن لزمان الشرط، وإنّما المتقدّم هو زمان الوجوب فحسب، فالمولى قد أوجب من أوّل الغروب مثلا صوم النهار، فلو كان طلوع الفجر شرطاً للوجوب، إذن فهو دخيل في تحقّق الاحتياج إلى الصوم، ولا يمكن فرضه دخيلاً في تحقّق الاحتياج إلى الصوم من أوّل الغروب، وإلّا لزم تأثير المتأخّر في المتقدّم، فهو إنّما يولّد الاحتياج إلى الصوم من حينه، ولا مبرّر لتقديم الوجوب عليه؛ إذ المبرّر لذلك كان عبارة عن أنّ المحتاج إليه إنّما هو الحصّة السابقة، أو الجامع بين الحصّة السابقة والحصّة المقارنة، في حين أنّ المحتاج إليه في المقام إنّما هو الحصّة المقارنة للشرط، وهو صوم النهار، فلا معنى لتقديم الوجوب.

والجواب: أوّلا: أنّه في المقام أيضاً نفترض: أنّ طلوع الفجر يولّد في وقته حاجة مقارنة له إلى حصّة لا يمكن للعبد تحصيلها حينه، كالصوم المقيّد بالغُسل من أوّل آناته، فيقدّم المولى الوجوب حتّى يسعى العبد إلى تحصيل تلك الحصّة من قبل الفجر ولو بتحصيل قيدها، وهو الغسل، فتقديم الوجوب في المقام روحه هو نفس روح تقديم الوجوب على الشرط في الموارد التي يكون الواجب أيضاً مقدّماً عليه.