المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

412

وثانياً: أنّه كان لنا افتراض آخر أيضاً لتصوير إمكان الشرط المتأخّر يأتي في المقام، وهو افتراض: أنّ الحاجة ثابتة من أوّل الأمر، ولكن الشرط المتأخّر أثره هو أنّه لولا تحقّقه في وقته تتولّد من إشباع تلك الحاجة مفسدة أهمّ من فائدة الإشباع، ففي المقام أيضاً يفترض: أنّ الاحتياج إلى صوم النهار فعليّ من أوّل آنات الغروب، بحيث لو كان من الممكن إيجاد صوم النهار من أوّل آنات الغروب، لكان المولى يرضى بذلك، إلّا أنّ إشباع هذه الحاجة بالصوم في النهار مع عدم تحقّق طلوع الفجر في وقته ـ لو أمكن ـ يولّد مفسدة أشدّ، ولذا جعل طلوع الفجر شرطاً متأخّراً للوجوب.

الجواب الثالث: يمكن تقديمه لشخص يرى استحالة الواجب المعلّق والمشروط بالشرط المتأخّر كالمحقّق النائينيّ (رحمه الله)، وهو أن يقال: إنّ متعلّق الوجوب النفسيّ الثابت من أوّل الغروب هو سدّ بعض أنحاء عدم صوم النهار، فإنّ وجود الصوم واحد لا يتجزّأ، لكن لعدمه حصص متعدّدة بعدد أسباب العدم، فيلتزم بوجوب فعليّ لسدّ باب العدم من غير ناحية طلوع الفجر، وهو متوقّف على الغُسل مثلا، فيترشّح منه وجوب مقدّميّ على الغُسل، فوجوب سدّ بعض أبواب العدم فعليّ مطلق، لا يحتاج إلى الشرط المتأخّر، وهو طلوع الفجر، ولا إلى القدرة حين طلوع الفجر، كما لا يرد إشكال انفكاك الإرادة عن المراد الذي اُورد على الواجب المعلّق؛ لأنّ المراد هو نفي لبعض الأعدام معاصر لزمان الوجوب.

وهذا الوجه متوقّف على أن لا يكون طلوع الفجر من قيود الاتّصاف.

الجواب الرابع: بعد الاعتراف بكون طلوع الفجر من قيود الاتّصاف، وبكونه شرطاً للوجوب بنحو الشرط المقارن يقال في مقام الجواب على الإشكال بأنّنا نتصوّر الوجوب المشروط بالنحو الذي مضى عن المحقّق العراقيّ (رحمه الله):من أنّ وجود الوجوب فعليّ قبل تحقّق الشرط، ولكن الموجود تقديريّ ومشروط، فقبل تحقّق الشرط قد وجد الوجوب المشروط، والشرط ـ في الحقيقة ـ في نظر