المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

424

إنّ إرادة الجزاء ـ وهو شرب الماء مثلا ـ التي تتحقّق عند حصول الشرط ـ وهو العطش ـ التي هي إرادة تعيينيّة هل هي عبارة عن تطوّر نفس إرادة الجامع التي هي إرادة تخييريّة، وكانت ثابتة قبل حصول الشرط، أو هما إرادتان مستقلّتان بنكتتين مستقلّتين، وليست إحداهما تطوّراً للاُخرى وامتداداً لها؟

قد يقال بالثاني، وذلك بتقريب:

أنّ الشوق إلى شرب الماء شوق نفسانيّ جسديّ وحياتيّ لا يختلف فيه الإنسان من الحيوان، بينما الشوق إلى الجامع شوق عقلانيّ مبنيّ على التبصّر والتأمّل في حفظ الحياة، لا شوق نفسانيّ حياتيّ جسديّ؛ ولذا لا يوجد في الحيوان، فهاتان إرادتان مستقلّتان بنكتتين مختلفتين.

إلّا أنّ هذا الكلام غير صحيح، بل الصحيح: أنّه لا توجد عندنا نكتتان لهاتين الإرادتين والشوقين، بل نكتتهما واحدة.

وتوضيح ذلك: أنّ كلا فردي الجامع، وهما: عدم الابتلاء بالعطش حدوثاً، وشرب الماء عند الابتلاء به ـ في الحقيقة ـ مقدّمة لمحبوب نفسيّ، وهو الارتواء، فالشوق النفسيّ والإرادة النفسيّة متعلّقة بالارتواء، وحيث إنّ ما يتوصّل به عملا إلى هذا المحبوب النفسيّ هو أحد فردي الجامع، فلا محالة يترشّح شوق غيريّ إلى الجامع، وحيث إنّ ما يتوصّل به عملا إلى هذا المحبوب النفسيّ بعد فقد الفرد الأوّل إنّما هو الفرد الثاني، وهو شرب الماء، فلا محالة ينقلب الشوق من الجامع إلى ذلك الفرد، فهذان الشوقان كلاهما بنكتة واحدة، وهي نكتة المقدّميّة إلى المحبوب النفسيّ الواحد، وهو الارتواء، غاية ما هناك: أنّ المقدّمة كانت عبارة عن الجامع، فاشتاق إلى الجامع، ثُمّ تحوّلت المقدّميّة عملا إلى أحد الفردين، فتحوّل الاشتياق إلى ذلك الفرد، ولسيا شوقين بنكتتين مستقلّتين.

وهذا الكلام سيّال في كلّ موارد الإرادة المشروطة، فوراء كلّ إرادة مشروطة