المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

426

كاف في الوصول إلى ذلك الملاك، وهو الارتواء مثلا في مثال العطش، والنكتة فيترشّح الشوق الغيريّ إلى المقدّمة من الشوق النفسيّ إلى ذي المقدّمة، إنّما هي كون المقدّمة هي الطريق العمليّ للوصول إلى المحبوب النفسيّ، فلو استحال على الإنسان كلّ أفراد المقدّمة، أصبح الشوق إلى المقدّمة بلا معنى؛ لأنّها ليست طريقاً عمليّاً للوصول إلى محبوبه، وتمنّي وجود المقدّمة المستحيلة لكي يصل إلى محبوبه النفسيّ لا مبرّر له، بل يكتفي في تمنّي المستحيلات بتمنّي نفس المحبوب ابتداءً، ولو استحال عليه بعض أفراد المقدّمة، تحوّل ـ لا محالة ـ شوقه الغيريّ من الجامع إلى الفرد الآخر؛ لأنّ النكتة في الاشتياق إلى المقدّمة هي كونها الطريق العمليّ للوصول إلى المحبوب، والآن قد أصبح الطريق العمليّ للوصول إلى المحبوب عبارة عن أحد فردي الجامع بعينه، دون الجامع على سبيل التخيير بين فرديه، فحينما كان الطريق العمليّ للوصول إلى المحبوب هو الجامع بين الجزاء وعدم الشرط في نظره اشتاق إلى الجامع، ولكن حينما رأى أنّ أحد الفردين ـ وهو عدم الشرط ـ لا سبيل إليه تحوّل شوقه إلى الفرد الآخر.

ومن هنا يتّضح: أنّ من يعلم من أوّل الأمر بأنّ الشرط ـ وهو العطش مثلا ـ سوف يتحقّق في المستقبل، فهو من الآن يتعلّق شوقه بالجزاء في ظرفه الاستقباليّ؛ لأنّه يعلم أنّ الطريق العمليّ في المستقبل إلى محبوبه إنّما هو الجزاء، دون كلا فردي الجامع على سبيل التخيير، فهو من الآن يشتاق إلى شرب الماء حين العطش، وهذا الشوق يجرّه إلى اقتناء الماء وادّخاره(1).



(1) الواقع: أنّ لمشكلة المقدّمات المفوّتة جوابين كافيين لحلّ روح الإشكال حتّى في الإرادة التكوينيّة: