المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

428

وجوب التعلّم:

الأمر الثاني: في حال تعلّم الأحكام الذي قد يصبح من المقدّمات المفوّتة.

والكلام في ذلك يقع في عدّة فروض:

الفرض الأوّل: أن يكون عالماً بتكليف فعليّ ثابت عليه الآن كوجوب الصلاة، أو الحجّ، أو غير ذلك، ولكنّه لا يعرف أحكام هذا الواجب من أجزاء وشرائط،



تستند إلى العجز الفعليّ الآن عن المراد ولو باعتبار أنّ ذاك الشرط كان شرطاً مقارناً للترتّب، فلو فعل الفعل قبله، لم يترتّب الهدف المقصود، فإذا أصبح الشوق فعليّاً برغم تأخّر المشتاق إليه، سرى الشوق إلى المقدّمات المفوّتة بلا إشكال، فعدم فاعليّة هذه الإرادة إنّما اختصّت بذي المقدّمة؛ دون المقدّمة؛ لأنّ العجز الموقّت إنّما كان عن ذي المقدّمة دون المقدّمة، بل لو ترك المقدّمة الآن لعجز عنها في وقت ذي المقدّمة كما هو المفروض.

وإن لم يعلم بتحقّق الشرط في وقته، ولكن احتمله، قلنا: إن احتمال طروّ الحاجة في وقت متأخّر يخلق في نفس الإنسان الآن احتمال الحاجة إلى المقدّمات المفوّتة، وهذا يكفي ـ حينما يكون المحتمل مهمّاً بدرجة معيّنة ـ في خلق الشوق إلى المقدّمة المفوّتة قبل الوقت؛ لأنّ احتمال الحاجة وصول ذهنيّ ناقص للحاجة، وحينما نقول: إنّ شرط فعليّة الشوق هو وصول الحاجة ووجوده اللحاظيّ التصديقيّ لا نقصد خصوص العلم الحضوريّ، أو الحصوليّ بها، بل نقصد بذلك ما يشمل الوصول الاحتماليّ في مقابل اللحاظ التصوّريّ البحت الذي لا أثر له في خلق الشوق.

وإن علم بأنّ هذا الشرط سوف لن يتحقّق في وقته، فعندئذ لا يوجد في نفسه شوق إلى المقدّمة المفوّتة، فلا يأتي بها، ولم يقل أحد بوجوب المقدّمات المفوّتة لدى العلم بعدم تحقّق الشرط في وقته.