المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

433

التعلّم، وكان موضوعه عدم العلم بعدم الابتلاء، فبعد البناء على ما بنى عليه المحقّق النائينيّ (رحمه الله): من قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعيّ يكون استصحاب عدم الاستطاعة قائماً مقام العلم بعدم الاستطاعة، فيحكم على وجوب التعلّم.

فإن قلت: إنّ الاستصحاب يجب أن يجري في نفسه بلحاظ الأثر الشرعيّ حتّى يحكم بقيامه مقام العلم الموضوعيّ، ولا يكون نفس قيامه مقام العلم الموضوعيّ مبرّراً لجريانه؛ إذ مع عدم الأثر الشرعيّ، للمستصحب لا يجري الاستصحاب، لا لمجرّد اللغويّة حتّى يقال: إنّها ترتفع بالقيام مقام العلم الموضوعيّ، بل لأنّ يد الجعل والتعبّد لا يمكن أن تنال ما لا يكون شرعيّاً.

قلت بعد تسليم المبنى: إنّ المفروض: أنّ الاستطاعة لها أثر شرعيّ، فلا إشكال في استصحاب عدمها من ناحية ضرورة كون التعبّد والجعل بلحاظ الأثر الشرعيّ، وأمّا من ناحية اللغويّة، فالمفروض انتفاؤها بقيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعيّ.

ورابعة: بما يمكن أن يكون تأويلا للكلام المنقول عن المحقّق النائينيّ (رحمه الله)ـ وأظنّ أنّه هو مقصوده، لا ما ذكرناه بظاهره ـ وهو أن يقال: إنّ الدليل ـ في الحقيقة ـ دلّ على أنّ كلّ مخالفة نشأت من ترك التعلّم يعاقب عليها، فهذا هو المستفاد من مثل روايات (هلاّ عملت. قال: لم أعلم. قال: هلاّ تعلّمت)(1).

والاستصحاب لا ينفي وقوع هذه المخالفة إلّا بالملازمة العقليّة، بل حتّى لو استصحب عدم الوقوع في المخالفة لا يفيد، فإنّه بالأخرة يحتمل الوقوع في المخالفة، ولو وقع في المخالفة لعوقب، فيجب دفع الضرر المحتمل بالتعلّم، وهذا بخلاف المخالفة التي قد يقع فيها في الفرض الرابع، فإنّ تلك المخالفة يقع فيها حتّى لو كان متعلّماً لأحكام الحجّ؛ وذلك استناداً إلى عدم إحراز صغرى التكليف،



(1) قريب من هذا المضمون ما في البحار، ج 1، ص 178، ح 2، و ج 2، ص 180، ح 3.