المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

435

وهذا المطلب قد ذكرناه في بحث التعادل والتراجيح، وعمّقناه هناك، وخلاصة الكلام فيه: أنّ مفاد مقدّمات الحكمة في كلّ من الإطلاق الشموليّ والإطلاق البدليّ واحد، وهو كون مدلول كلامه مطابقاً لتمام مرامه، وأمّا الشموليّة والبدليّة، فهي مفاد دليل آخر عقليّ، حيث وضّحنا في بحث المرّة والتكرار: أنّ الأصل في إطلاق الحكم بلحاظ موضوعه هو الشموليّة، وبلحاظ متعلّقه هو البدليّة، والمعارضة ـ بحسب الحقيقة ـ ليست بين الدالّ على البدليّة هنا والدالّ على الشموليّة هناك، وإنّما المعارضة بين الدالّ على الإطلاق هنا والدالّ على الإطلاق هناك، ولا مبرّر لتقدّم أحدهما على الآخر.

التقريب الثاني: أنّ الأمر دائر بين محذور واحد ومحذورين، حيث إنّ تقييد الهيئة يستلزم تقييد المادّة لا محالة، فإنّ الوجوب لو كان مقيّداً بحالة القيام مثلا، فلا معنى لكون الواجب مطلقاً يشمل حالة عدم القيام، في حين أنّ تقييد المادّة لا يستلزم تقييد الهيئة، ومتى ما دار الأمر بين محذور واحد ومحذورين فمقتضى الجمع العرفيّ الالتزام بالمحذور الواحد، ورفع اليد عن المحذور الثاني؛ وذلك لا من باب انحلال العلم الإجماليّ بأحد القيدين إلى العلم التفصيليّ بأحدهما معيّناً والشكّ البدوي في الآخر، وإلّا لرجع إلى التقريب الثالث، بل إمّا من باب دعوى: أنّ مجرّد الدوران بين محذور واحد ومحذورين يجعل العرف يقدّم ارتكاب محذور واحد في مقام الجمع على ارتكاب محذورين، أو من باب دعوى: أنّ الظهور الذي يلزم من مخالفته محذوران يصبح أقوى من الظهور الذي لا يلزم من مخالفته إلّا محذور واحد.

ويرد عليه: مضافاً إلى أنّ كلتا الدعويين ممنوعة أنّ تقييد المادّة على أساس تقييد الهيئة ليس محذوراً؛ لأنّه ليس تخصيصاً، وإنّما هو تخصّص؛ وذلك لأنّ إطلاق المادّة دائماً مقيّد بمقيّد لبّيّ كالمتّصل بكلّ قيود الوجوب، فهذا التقييد بهذا