المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

437

وعلى أيّ حال، فقد يستشكل في هذا التقريب بأحد وجهين:

الوجه الأوّل: أنّ تقييد المادّة الذي يتولّد من تقييد الهيئة ليس إلّا بمعنى: أنّه لا يصحّ وقوع الصدقة امتثالا قبل حدوث القيام من دون أن يلزم إيجاد القيام، بينما لو كان التقييد منصبّاً على المادّة ابتداءً، كان مفاده ـ مضافاً إلى عدم صحّة وقوع الصدقة امتثالا قبل حدوث القيام ـ هو الإلزام بإيجاد القيام، وفي مقابل كلّ من التقييدين إطلاق، فالتقييد المقطوع به على كلّ حال في طرف المادّة إنّما هو التقييد الأوّل، وأمّا التقييد الثاني فليس معلوماً على كلّ حال، فالإطلاق الذي في مقابله يعارض إطلاق الهيئة.

وهذا الوجه غير صحيح؛ لأنّ تقييد المادّة ليس له إلّا معنىً واحد، وهو تحصيصها بالقيام، وصيرورة التقيّد به تحت الطلب، فلو تصدّق ثُمّ قام، فقد حصل الوجوب ولم يحصل الواجب، وهذا التقييد مقطوع به على كلّ تقدير، وأمّا عدم صحّة وقوع الفعل امتثالا قبل القيام، أو الإلزام بتحصيل القيام، فإنّما هما من آثار التقييد، لا نفس التقييد، والأثر الأوّل أثر تنجيزيّ لتقييد المادّة، أي: لا يحتاج إلى ضمّ ضميمة، والأثر الثاني وهو الإلزام بتحصيل القيام أثر تعليقيّ، أي: يحتاج إلى ضمّ ضميمة، وهو إطلاق الوجوب من ناحية القيام، فهو أثر لمجموع أمرين: تقييد المادّة وإطلاق الهيئة، والأوّل مقطوع به على كلّ تقدير، والثاني ثابت بأصالة الإطلاق؛ لعدم معارضتها بأصالة الإطلاق في المادّة؛ للجزم بتقييدها، فيثبت بذلك الإلزام بتحصيل القيام.

الوجه الثاني: أنّه لا جزم بتقييد الواجب على تقدير انصباب القيد على الوجوب، بل الواجب حينئذ مهمل، لا مطلق ولا مقيّد. أمّا عدم الإطلاق، فلاستحالة إطلاق الواجب لفرض عدم قيد الوجوب، وأمّا عدم التقييد فللغويّة تقييد الواجب بقيد الوجوب؛ لأنّ تقييد الواجب معناه تعلّق الأمر بالمقيّد، وهو