المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

438

ينحلّ إلى أمر بذات المقيّد وأمر بالتقيّد، في حين أنّ الأمر بالتقيّد بقيد الوجوب غير قابل للتحريك؛ لأنّه يكفي في حصول التقيّد خارجاً حصول شيئين: القيد، وذات المقيّد. والأوّل مفروض الحصول؛ لكونه قيد الوجوب، والثاني مطلوب الحصول، فأيّ فائدة في أن يأمر وراء ذلك كلّه بالتقيّد؟!

فإذن التقييد والإطلاق كلاهما مستحيل، ويثبت الإهمال، ولا بأس بالإهمال في المقام، فإنّه ليس إهمالاً بلحاظ تمام وعاء جعل الحكم حتّى يقال بأنّ الإهمال مستحيل، بل إهمال بلحاظ بعض أطراف الحكم، وهو الواجب استغناءً بتقييد الوجوب، فالإهمال في جزء الواقع لا في تمامه، ولا بأس بذلك، وعليه فأصالة عدم تقييد الوجوب معارضة بأصالة عدم تقييد الواجب، فإنّ التقييد ـ ولو في مقابل الإهمال ـ مؤونة زائدة تُنفى.

ويرد عليه: أنّ الإهمال إنّما يعقل لو تصوّرنا واسطة بين الإطلاق والتقييد، بأن كانا ضدّين لهما ثالث.

أمّا بحسب ما نقّحناه في بحث التعبّديّ والتوصّليّ، وبحث المطلق والمقيّد: من أنّ التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب، فالإهمال غير معقول.

وأمّا البرهنة على امتناع التقييد بأنّ التقيّد حاصل على أيّ حال عند حصول القيد وذات المقيّد، فالأمر به لغو، وغير محرّك، فجوابها: أنّه يمكن أن يوجد القيد وهو القيام مثلا، ويوجد ذات المقيّد وهو الصدقة، ولا يوجد التقيّد، وذلك بأن تكون الصدقة موجودة قبل القيام لا بعد القيام، فلو كان الأمر متعلّقاً بجامع الصدقة من دون أخذ القيام قيداً في الواجب، لكان المأمور به الجامع بين الصدقة قبل القيام والصدقة بعده، فلو كان صدفة قد أتى بالصدقة قبل القيام، لم يحرّكه هذا الأمر نحو الصدقة بعد القيام، وإنّما الحافظ لتحريكه هو انصبابه على المقيّد، والإطلاق طبعاً مستحيل، فيتعيّن التقييد.