المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

439

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه: أنّ هذا التقريب الثالث تامّ في نفسه، وأنّنا نتمسّك بأصالة الإطلاق في الهيئة من دون معارض.

نعم، هذا إذا كان احتمال دخل القيد في الوجوب وفي الواجب على وزان واحد كما مضى بيانه، أمّا إذا كان القيد محتمل الدخل في الوجوب على نحو الحدوث، وفي الواجب على نحو الظرفيّة، فلا محالة يحصل التعارض؛ لأنّ كلاًّ من التقييدين حينئذ ليس معلوماً، فأصالة عدم هذا التقييد معارضة بأصالة عدم ذاك التقييد.

هذا تمام الكلام في التقييد المنفصل.

وأمّا في المتّصل، فتارةً نفترض: أنّ لسان المقيّد ليس هو لسان تقييد متّجه إلى أحد الأمرين، أي: المادّة أو الهيئة، مع شكّنا في أنّه: هل هو متّجه إلى المادّة أو إلى الهيئة، بل لسانه لسان بيان مطلب مستقلّ ملازم للجامع بين تقيّد المادّة أو الهيئة، كما لو قال: (حجّ، ولا يجزي الحجّ قبل الاستطاعة)، وافترضنا: أنّ قوله: (ولا يجزي الحجّ قبل الاستطاعة) لا يفهم منه عرفاً كونه بصدد تقييد أحد الأمرين، وإنّما هو مطلب مستقلّ ملازم للجامع بين التقييدين.

واُخرى نفترض: أنّ لسانه لسان تقييد أحدهما بالخصوص، ولم نعرف أنّه: هل هو راجع إلى المادّة، أو إلى الهيئة، كما لو قال: (حجّ بعد الاستطاعة)، وافترضنا أنّ كلمة (بعد الاستطاعة) قيد لا نعرف هل يرجع إلى المادّة، أو إلى الهيئة.

أمّا في الفرض الأوّل، فإن أنكرنا ما قرّبناه في التقريب الثالث في المقيّد المنفصل من كون تقييد الهيئة مستلزماً لتقييد المادّة، كما أنكره المحقّقون المتأخّرون، وقع التعارض بين الإطلاقين، حيث إنّ مقتضى الإطلاق في كلّ واحد من المادّة والهيئة تامّ في نفسه، وعبارة (لا تجزي الصدقة قبل القيام)، أو (لا يجزي الحجّ قبل الاستطاعة) مثلا لا تصلح للقرينيّة لتقييد أحدهما بالخصوص بحسب