المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

495

النفسيّ كذلك يترشّح على مقدّمات المقدّمة، فنقول: هل يترشّح الوجوب على ذات المقدّمة التي هي مقدّمة للمقدّمة الموصلة، أو يترشّح الوجوب عليها بقيد إيصالها إلى المقدّمة الموصلة؟

فإن قلنا بالثاني، حصّلنا أيضاً مركباً من الذات وقيد الإيصال، فيكون الذات مقدّمة للمقدّمة الموصلة، فننقل الكلام إليها، وهكذا إلى أن يتسلسل، وإن انتهينا أخيراً إلى وجوب متعلّق بالذات بلا قيد الإيصال، فلنقل بذلك من أوّل الأمر.

وهذا التقريب جوابه واضح؛ إذ لو سلّم كلّ الاُصول الموضوعيّة لهذا التقريب، قلنا: إنّ ذات الوضوء ليس مقدّمة للوضوء الموصل، فإنّ المقدّمات الداخليّة ليس فيها ملاك الوجوب؛ لعدم التوقّف والمقدّميّة في عالم الوجود، وذات الوضوء جزء ومقدّمة داخليّة للوضوء الموصل(1).

الثاني: أن يقال بأنّ وجوب الصلاة يترشّح منه وجوب غيريّ على الوضوء، وهو يتعلّق ـ على القول بالموصلة ـ بالوضوء، لا على الإطلاق، بل الوضوء المقيّد



(1) ولو سلّمنا: أنّ المقدّمة الداخليّة كالخارجيّة، قلنا: إنّ مقدّمة المقدّمة إنما يترشّح عليها الوجوب بقيد الإيصال إلى ذي المقدّمة، لا بقيد الإيصال إلى المقدّمة؛ إذ لو فرض محالا إيصالها إلى المقدّمة الموصلة من دون إيصالها إلى ذي المقدّمة، لم تكن فيها فائدة، ومن حسن الحظّ في المقام: أنّ المقدّمة الثانية بقيد الإيصال إلى ذي المقدّمة عين الواجب الغيريّ الأوّل، ووجوبها عين الوجوب الأوّل. على أنّ المقدّمات مهما تفترض كثرتها أو طوليّتها لا يتعلّق بها جميعاً إلّا وجوب واحد.

أمّا لو فرض: أنّ الإشكال في نفس تكثّر المقدّمات إلى ما لا نهاية له، وأنّ هذا بنفسه تسلسل محال، فهذا ليس إشكالاً على وجوب المقدّمة الموصلة، بل هو إشكال في نفسه كاشف عن خطأ مّا في الحساب، فإمّا أنّ تكثّر المقدّمات لم يكن إلّا وهماً لا واقع له (كما هو كذلك)، وإمّا أنّ هذا النمط من التسلسل لم يكن محالا.