المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

496

بالإيصال إلى الصلاة، فالواجب الغيريّ مقيّد بالصلاة، فتكون الصلاة قيداً في الواجب الغيريّ، فصارت مقدّمة المقدّمة، فيتعلّق بها الوجوب الغيريّ، ويصبح الوضوء ذا المقدّمة بالنسبة للصلاة، ويكون قيداً في هذا الوجوب الغيريّ، فيترشّح إليه وجوب مقدّميّ جديد، وهو أيضاً متعلّق بالموصل منه، وهكذا إلى أن يتسلسل.

وهذا التقريب أيضاً غير صحيح لعدّة وجوه:

الأوّل: ما سوف يأتي ـ إن شاء الله ـ: من أنّ المقدّمة الموصلة ـ على القول بها ـ لا ينحصر معناها في أخذ التوصّل إلى ذي المقدّمة قيداً للمقدّمة، بل لذلك معنىً آخر لا يستبطن أخذ التوصّل قيداً.

وهذا يصلح أن يكون جواباً للوجه الأوّل أيضاً.

الثاني: أنّه لو سلّمنا: أنّ معنى المقدّمة الموصلة تعلّق الوجوب الغيريّ بالوضوء المقيّد بحيثيّة الإيصال، لم يلزم مع هذا ترشّح الوجوب الغيريّ على الصلاة نفسها.

وتوضيح النكتة في ذلك: أنّ مقدّمة المقدّمة كلّيّةً فيها توقّفان: أحدهما توقّف المقدّمة الاُولى على الثانية، والآخر توقّف ذي المقدّمة الأصليّ على المقدّمة الثانية بسبب توقّف المقدّمة الاُولى، والتوقّف الأوّل لو لوحظ وحده، وفرض محالا: أنّه لا توقّف ثان، لم يترشّح وجوب على المقدّمة الثانية؛ إذ من الواضح: أنّ الشوق الغيريّ لا يمكن أن يصنع شيئاً سوى تقريب الإنسان نحو المطلوب النفسيّ، فإذا لم يكن المطلوب النفسيّ متوقّفاً عليه، فأيّ شوق يترشّح عليه؟!

فالسبب في الوجوب إنّما هو التوقّف الثاني، فالملاك دائماً في الوجوب الغيريّ سواء كانت المقدّمة أوّليّة، أو ثانويّة، أو ثالثيّة، إنّما هو مقدّميّتها لأصل الواجب النفسيّ.

إذا عرفت ذلك، قلنا: إنّ المقدّمة الثانية إن كانت مغايرة للواجب النفسيّ، كما