المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

497

في إخراج الماء من البئر مثلا الذي هو مقدّمة للوضوء الذي هو مقدّمة للصلاة، ترشّح عليه الوجوب الغيريّ؛ لأنّ ملاك ذلك هو المقدّميّة في عالم الوجود، وهو ثابت، أمّا إذا أصبحت المقدّمة الثانية ـ بسحر ساحر ـ نفس ذي المقدّمة، كما هو المفروض في المقام، فلا معنى لترشّح الوجوب الغيريّ عليها؛ إذ لو فرض ترشّحه من المقدّمة الاُولى، فهذا خلف ما وضّحناه: من أنّ المقدّمات الثانويّة إنّما تكسب وجوبها من ذي المقدّمة الأصليّ، لا من المقدّمة الأوّليّة، ولو فرض ترشّحه من ذي المقدّمة الأصليّ، فملاكه إنّما هو التوقّف والمقدّميّة، ومن المعلوم: أنّ التوقّف والمقدّميّة فرع الاثنينيّة المفقودة في المقام.

الثالث: أنّه لو غضّ النظر عن كلا الجوابين، وافترض التسلسل، فهذا التسلسل ليس أمراً مستحيلا؛ لأنّه ينقطع بانقطاع الاعتبار والملاحظة.

وتوضيح ذلك: أنّ التسلسل ـ على ما ذكر الحكماء ـ على قسمين:

1 ـ التسلسل الذي يمشي ويصعد بلا نهاية، بلا حاجة إلى ملاحظة الملاحظ، وتدخّل متدخّل فيه، كَأن يكونَ هذا له علّة، وعلّته لها علّة، وهكذا، وهذا هو المحال.

2. التسلسل بمعنى: أنّه لا يتوقّف كلّما مشى الإنسان والملاحظ في ملاحظته، ومتى توقّف عن الملاحظة توقّف التسلسل، وهذا ليس محالا.

والمقام من هذا القبيل، فإنّ هذه الوجوبات كلّها أشواق نفسيّة، تتوقّف على الالتفاتات، وليس معنى هذه الوجوبات وجود أشواق لا متناهية بالفعل.

وهذا الجواب الثالث يتمّ على كلا تقريبي التسلسل.

الوجه الثاني: لزوم اجتماع المثلين؛ إذ يلزم كون الصلاة قيداً للواجب الغيريّ ومقدّمة له؛ لأنّ الواجب هو الوضوء الموصل إلى الصلاة، فيتّصف نفس الواجب النفسيّ بالوجوب الغيريّ، ويكون محطّاً لوجوبين.