المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

500

الذي تولّد من وجوب الوضوء هو وجوب غيريّ(1).

وهذا الجواب في غاية الوضوح، ولكن لعلّ مقصود المستشكل في الدور النظر إلى ما قالوه من فرض التأكّد. وتوضيح ذلك: أنّنا لو التزمنا بشوقين: أحدهما نفسيّ والآخر غيريّ، فاندفاع الدور واضح، لكن لو فرضنا: أنّنا أردنا أن نتجاوز عن محذور اجتماع المثلين بالتأكّد، فعندئذ ليس إلّا وجود واحد للشوق، فيلزم الدور. وإن شئتم قلتم: إنّ التأكّد بين أمرين موجودين في مرتبتين أمر غير معقول.

وبكلمة اُخرى نقول: يوجد عندنا وجوب نفسيّ للصلاة واقع في المرتبة الاُولى، ووجوب غيريّ للوضوء واقع في المرتبة الثانية، ووجوب غيريّ للصلاة واقع في المرتبة الثالثة، فإن بقي الأوّل والثالث على حدّهما، لزم اجتماع المثلين، وإن اتّحدا لزم تقديم المتأخّر وتأخير المتقدّم.

إلّا أنّك عرفت: أنّ الاُصول الموضوعيّة لهذا الإشكال غير صحيحة؛ لما تقدّم من الجواب الأوّل والثاني عن الوجه الثاني.

الوجه الرابع: ما ذكره المحقّق العراقيّ (رحمه الله): من أنّ تقييد شيء بما هو أخصّ مطلقاً منه مساوق لتقييده بوجود نفسه؛ لأنّ وجود الأخصّ المطلق مساوق لوجود الأعمّ، فكما يستحيل تقييد الشيء بنفسه كذلك يستحيل تقييده بما هو أخصّ مطلقاً منه، والحصّة الموصلة أخصّ مطلقاً من ذات المقدّمة.

هذا بيان وقع في تقرير المحقّق العراقيّ (رحمه الله)(2)، ولعلّه وقع فيه نوع من الالتباس من المقرِّر؛ إذ من الواضح: أنّ الميزان في صحّة التقييد كون المقيَّد أعمّ ولو من



(1) راجع المصدر السابق، تحت الخطّ، والمحاضرات، ج 2، ص 414 بحسب طبعة مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

(2) بدائع الأفكار، ج 1، ص 388 بحسب طبعة المطبعة العلميّة في النجف.