المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

501

وجه من القيد، لا كون القيد أعمّ ولو من وجه من المقيَّد، فإكرام الفقيه مثلا لا يعقل تقييده بكونه عالماً؛ لأنّ العالم أعمّ من الفقيه، والتقييد تخصيص، فلابدّ أن يكون المقيّد واجداً لحصّتين: حصّة واجدة للقيد، وحصّة فاقدة له، فالتقييد يتوقّف على أن لا يكون القيد أعمّ مطلقاً من المقيّد، أو مساوياً له، أمّا لو كان أخصّ مطلقاً منه، فلا بأس بالتقييد، فيقيّد الإنسان بالعالم؛ لأنّه قابل للتحصيص إلى العالم وغيره.

الوجه الخامس: ما ذكره صاحب الكفاية (رحمه الله): من أنّه لو أتى بالمقدّمة، فهل يسقط الأمر الغيريّ قبل إتيانه بذي المقدّمة، أو لا؟ فإن فرض عدم السقوط، فهو تحصيل للحاصل، ولا شيء يحرّك نحوه؛ فإنّه لم يبقَ شيء يتحرّك نحوه غير ذي المقدّمة، وإن فرض السقوط، فسقوط الأمر لا يكون إلّا بالامتثال، أو العصيان، أو ارتفاع الموضوع، أو بحصول الغرض بفرد لا يعقل انبساط الأمر عليه؛ لخروجه عن القدرة، أو حرمته. أمّا فرض العصيان، فواضح البطلان؛ فإنّه في طريق الامتثال لا العصيان، ولو مات الآن لم يكن عاصياً، وأمّا ارتفاع الموضوع، فهو أيضاً باطل؛ إذ لا يزال لم يأتِ بذي المقدّمة، وأمّا عدم إمكان انبساط الأمر عليه، فأيضاً غير صحيح؛ إذ لا هو أمر غير مقدور، ولا هو فرد محرّم، فالمتعيّن هو فرض حصول الامتثال، وهو المطلوب(1).



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 186 بحسب الطبعة المشتملة في الحاشية على تعليقات المشكينيّ.

ويمكن الجواب على هذا الوجه بأنّنا نسأل: ما هو المقصود من سقوط الأمر بالمقدّمة بعد الإتيان بها، وقبل الإتيان بذي المقدّمة؟

إن كان المقصود سقوط فعليّة الأمر، فهذا ما لا نقول به حتّى بعد امتثال ذي المقدّمة؛ لأنّنا نرى: أنّ الامتثال يسقط فاعليّة الأمر لا فعليّته، وإن كان المقصود سقوط فاعليّة الأمر ومحرّكيّته، فقد مضى: أنّ الأمر الغيريّ لا محرّكيّة ولا فاعليّة له منذ البدء.