المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

508

نحو ذلك، فإنّ أيّ غرض آخر نفترضه هو الملاك في الواجب الغيريّ غير نفس وجود ذي المقدّمة، فهذا الغرض لا يخلو حاله من أحد شقوق أربعة:

1 ـ كون هذا الغرض في نفسه محبوباً نفسيّاً، أي: أنّ المولى يحبّ نفس إيجاد القدرة، أو الإمكان، أو غير ذلك من تلك الاُمور بذاته.

وهذا خلف؛ لأنّ المفروض: أنّه لا يوجد مطلوب نفسيّ إلّا ذو المقدّمة، وهو الصلاة مثلا. أمّا لو كانت نفس القدرة مثلا مطلوبة نفساً، فالوضوء يصبح مقدّمة توليديّة وموصلة دائماً، وهذا كلّه خلف المفروض، إذن، فلابدّ أن يكون حبّ المولى لتحصيل القدرة، أو الإمكان، أو التهيّؤ، أو سدّ باب العدم، أو نحو ذلك حبّاً غيريّاً، فلابدّ أن يكون وراءه غرض أيضاً، فما هو الغرض الذي من ورائه؟

2 ـ أن يفرض: أنّ هذا الغرض محبوب غيريّ، وأنّ الغرض الذي يكون من وراء هذا الغرض عبارة عن نفس الواجب النفسيّ، فغرض الغرض هو الواجب النفسيّ.

وهذا حاله حال ما لو قيل ابتداءً: إنّ الغرض من المقدّمة هو الواجب النفسيّ، أي: أنّه في صالح القول بالمقدّمة الموصلة، فإنّ غرضاً من هذا القبيل لا يدعو إلى الشوق إلى المقدّمة في دائرة أوسع من دائرة المقدّمة الموصلة.

3 ـ أن يكون هذا الغرض الغيريّ ناشئاً من غرض غيريّ آخر، وهكذا حتّى يتسلسل بلا وصول إلى غرض نفسيّ.

وهذا واضح البطلان؛ لبطلان التسلسل.

4 ـ أن يكون منتهياً إلى غرض نفسيّ غير الصلاة.

وهذا باطل؛ لأنّ المفروض عدم وجود غرض نفسيّ آخر.

وخلاصة ما يتبرهن بهذا البيان: أنّ الغرض من الواجب الغيريّ يجب: إمّا أن يكون هو الواجب النفسيّ، أو أن ينتهي إليه؛ إذ لا يمكن أن يكون الغرض منه شيئاً