المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

518

بداعي المحرّكيّة والباعثيّة، لأشكل الأمر في باقي المقدّمات أيضاً؛ لأنّ الأمر النفسيّ بالفعل وإن لم يكن محرّكاً نحوها بالمباشرة، لكنّه محرّك نحوها تسبيباً، والوجوب الغيريّ لا يوجد له أيّ تحريك جديد، وتأكيد للمحرّكيّة السابقة.

الخامس: أنّ إيجاب الإرادة معناه: إيجاد المحرّك نحو الإرادة، وإيجاد المحرّك نحو الإرادة معناه: إيجاد الإرادة للإرادة، فكما أنّ الوجوب النفسيّ المتعلّق بأصل الصلاة يقتضي إرادة الصلاة، كذلك الوجوب الغيريّ المتعلّق بإرادة الصلاة يقتضي إرادة إرادة الصلاة، مع أنّ إرادة إرادة الصلاة ليس لها أيّ مقدّميّة نحو الصلاة، فليس كلّ من يصلّي يريد أن يريد، ثمّ يريد، ثمّ يصلّي، بل أكثر المصلّين عادةً يريد الصلاة ابتداءً.

وهذا الكلام ـ بغضّ النظر عن المناقشة التي مضت: من أنّ الوجوب الغيريّ ليس للتحريك، وإنّما هو وجوب قهريّ ـ يرد عليه: أنّ هذا الكلام بنفسه يجري في سائر المقدّمات، فإنّ الأمر بنصب السلّم معناه: إيجاد إرادة نصب السلّم، مع أنّه كثيراً ما يتحقّق نصب السلّم من دون إرادة.

وحلّ المطلب: أنّ إرادة الإرادة مثلا، أو إرادة نصب السلّم مقدّمة للتحصيل لا للحصول، فقد يتّفق أنّ المقصود يوجد صدفة بلا إرادة، فحصول الواجب النفسيّ لا يتوقّف على إرادته فضلا عن إرادة إرادته، ولكن تحصيله من قبل المولى يكون طريقه منحصراً بقدح الإرادة في نفس العبد عن طريق الأمر، لا أن يجلس المولى في بيته ويقول: لعلّه يتحقّق نصب السلّم صدفة، فهذا كأنّه خلط بين التحصيل الذي يكون بالإرادة التشريعيّة للمولى والحصول الذي يكون بالإرادة التكوينيّة، وانتظار الصدفة خلف التحصيل، فلو لم يكلّف المولى العبد بإرادة شيء معناه: أنّه لم يحصّل ذلك الشيء.

وقد تحصّل من كلّ ما ذكرناه: أنّ الحقّ هو كون الوجوب مخصوصاً بالمقدّمة