المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

521

إلّا أنّ صاحب الكفاية (رحمه الله) علّق على هذا الوجه بإنكار شهادة الوجدان على صحّة تحريم الحصّة غير الموصلة، بل ادّعى البرهان على امتناع ذلك، بتقريب: أنّ هذا يستلزم تحصيل الحاصل في طرف الأمر بذي المقدّمة؛ لأنّ الأمر بإنقاذ الغريق مثلا مشروط بالقدرة عقلا وشرعاً. ويقصد بالقدرة العقليّة فاعليّة العضلات، وبالقدرة الشرعيّة عدم حرمة الشيء، أو مقدّمته، وإذا كان المولى قد حرّم غير الموصل، إذن فإباحة المقدّمة مشروطة بالإيصال، وعليه فوجوب ذي المقدّمة مشروط بالقدرة الشرعيّة المتوقّفة على إباحة المقدّمة المتوقّفة على الإيصال الذي معناه: الإتيان بذي المقدّمة، وهذا معناه: كون وجوب ذي المقدّمة موقوفاً على الإتيان به، وهذا ما قلناه من لزوم تحصيل الحاصل(1).

وقد أبرز المحقّق النائينيّ (رحمه الله) نقطة الاشتباه في ذلك، ببيان: أنّ قيد التوصّل ليس قيداً للإباحة، بأن يفرض: أنّه مع عدم التوصّل لا إباحة للمقدّمة، وإنّما هو قيد للمباح، فحتّى مع عدم التوصّل تكون الإباحة ثابتة على الحصّة الموصلة، أي: أنّ قيد الإيصال من قبيل قيد الواجب، لا من قبيل قيد الوجوب، إذن فوجوب ذي المقدّمة وإن كان موقوفاً على القدرة الشرعيّة الموقوفة على إباحة المقدّمة، لكن إباحة المقدّمة ليست موقوفة على الإيصال، فلا يلزم تحصيل الحاصل(2).

وهذا الكلام في غاية المتانة، إلّا أنّنا نضيف إليه: أنّه لو كان التوصّل قيداً للإباحة، لم يلزم المحذور أيضاً، فإنّ وجوب الإنقاذ لا يتوقّف على إباحة الاجتياز، وإنّما يتوقّف على أن لا تكون مقدّمته محرّمة بحرمة مطلقة؛ إذ لو كانت



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 189 ـ 190 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكينيّ.

(2) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 240 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات السيّد الخوئيّ (رحمه الله).