المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

525

للمعارضة مع دليل حرمة المقدّمة إنّما هو دليل وجوب ذي المقدّمة، ولو قدّم وجوب ذي المقدّمة، ارتفعت حرمة المقدّمة حتّى عن الحصّة غير الموصلة، وهذه نتيجة غريبة تثبت على القول بعدم اختصاص الوجوب بالموصلة من باب استحالة اختصاصه بها؛ إذ من الواضح: أنّ العقلاء يستنكرون على من يجتاز مثلا الأرض المغصوبة من دون أن يأتي بذي المقدّمة، وهو إنقاذ الغريق، ويرونه قد ارتكب محرّمين: ترك الإنقاذ، واجتياز الأرض المغصوبة، ويرون أنّ حاله أشدّ ممّن لا يجتازها، ولا ينقذه.

وأمّا المقام الثاني: فبعد فرض اختصاص ارتفاع الحرمة بالحصّة الموصلة يقع الكلام في أنّه: هل يختصّ بالموصلة التي قصد بها التوصّل، أو لا؟

والكلام في ذلك بلحاظ المنافاة الاُولى يكون كما يلي:

قد يقال: إنّ نفس البيان السابق في تخصيص ارتفاع الحرمة بالموصلة يجري في هذا المقام أيضاً؛ إذ المزاحمة توجب رفع اليد عن الحرمة بمقدار ترتفع به المزاحمة، والحرمة إذا ثبتت على ما قصد به التوصّل، بقي التزاحم؛ إذ خطاب (انقذ الغريق) مثلا لا يمكنه حينئذ أن يحرّك نحو المقدّمة؛ إذ لو حرّك نحوها لزم الإتيان بالمقدّمة بقصد التوصّل، وأمّا غير ما يقصد به التوصّل، فالمقتضي لحرمته موجود، وهو إطلاق دليل حرمة الغصب، والمانع مفقود لارتفاع المزاحمة؛ لأنّ مقصودنا بارتفاع المزاحمة قدرة المكلّف على امتثالهما معاً، والمكلّف قادر على امتثالهما بأن يأتي بالمقدّمة الموصلة بقصد التوصّل.

إلّا أنّ هذا البيان هنا غير خال من الإشكال، وذلك؛ لأنّ تحريم الحصّة الموصلة التي لا يقصد بها التوصّل ليس له أيّ دخل في تقريب المولى نحو أغراضه المولويّة؛ إذ لو كان المقصود بذلك هو الجمع بين الغرضين، أعني: اجتناب مفسدة الغصب، وتحقيق مصلحة الإنقاذ، فالمفروض: أنّه غير معقول؛ إذ الإنقاذ