المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

526

موقوف على الاجتياز من هذا المكان المغصوب، ولو كان المقصود: أن لا يفوتكلا الغرضين معاً، فهذا حاصل من دون حاجة إلى تحريم الحصّة التي لا يقصد بها التوصّل، فإنّ فرض الحصّة الموصلة دائماً هو فرض حصول أحد الغرضين، بل أقواهما؛ إذ معنى كونها موصلة: أنّه يحصل الإنقاذ، فلا يبقى لتحريم تلك الحصّة أثر إلّا إلزام المكلّف بقصد التوصّل، مع أنّ من الواضح: أنّ هذا ليس واجباً شرعاً، وليس فيه غرض لزوميّ، ولذا لم يلتزم بوجوبه في غير المقام، وإنّما الغرض هو إيجاد مصلحة الإنقاذ، واجتناب مفسدة الغصب، وبلحاظهما لا أثر لهذا التحريم، وهذا بخلاف تحريم الحصّة غير الموصولة في المقام الأوّل، فإنّ ذاك التحريم كان يصون المولى من أن يخسر كلا الغرضين في بعض الأوقات، وذلك كما لو كان العبد بانياً على عدم إنقاذ الغريق، فإنّه حينئذ لولا تحريم الحصّة غير الموصلة قد يتمشّى في الأرض بلا إنقاذ.

وقد ظهر من خلال كلامنا اندفاع توهّم آخر في المقام؛ إذ قد يخطر بالبال لتوجيه حرمة ما لا يقصد به التوصّل: أنّ هذا له دخل في أغراض المولى، فإنّ الغصب الموصل إذا أتى به لا بقصد التوصّل خسر أحد الغرضين بتمامه وإن تمّ الإنقاذ، ولكن حصل الغصب، وأمّا إذا أتى به بقصد التوصّل، فحيث إنّ قصد التوصّل حسن، فبهذا الحسن تتدارك مفسدة الغصب، أو شيء منها، فكأنّ غرض عدم الغصب لم يفت، أو فات بعضه، لا تمامه.

والجواب: أنّ هذا البيان إنّما يكون صحيحاً لو كان حسن قصد التوصّل وملاكه بمرتبة لزوميّة في نفسه، فيقع الكسر والانكسار بينه وبين مفسده الغصب، فمثلا لا يبقى حسن ولا مفسدة، ولكن بعد فرض عدم حسن لزوميّ في نفسه ـ وإلّا لوجب في سائر الموارد ـ لا يتمّ هذا البيان؛ إذ ليس تدارك مفسدة الغصب بقصد