المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

527

التوصّل بمقدار لزوميّ(1)، حتّى يجب قصد التوصّل، ويحرم ـ بكلمة اُخرى ـ الإتيان بالمقدّمة بلا قصد التوصّل.

فإن قلت: إنّ تحريم ما لا يقصد به التوصّل بعد فرض اختصاص ارتفاع الحرمة بالحصّة الموصلة وإن كان لا معنى له؛ إذ لا يقرّب المولى إلى مقاصده المولويّة، ولكن يبقى احتمال أن يخصّص ارتفاع الحرمة بما يقصد به التوصّل بدلا عن تخصيصه بالموصلة.

وتوضيح ذلك: أنّ المولى لو لم يحرّم المقدّمة التي توقّف عليها الواجب أصلا، كان ذلك إخلالا بغرضه؛ إذ بإمكان المولى التحفّظ على غرض ترك الغصب بمقدار لا يضرّ بغرض إنقاذ الغريق، وذلك عن طريق تحريم المقدّمة في الجملة، وعليه فلابدّ من تحريم المقدّمة تحريماً مقيّداً طبعاً؛ إذ التحريم المطلق لا ينسجم مع وجوب الواجب المتوقّف عليها، وهذا التحريم المقيّد يتصوّر بشكلين:

أحدهما: تحريم الحصّة غير الموصلة، وفائدة ذلك: أنّ من لا يريد الإتيان بذي المقدّمة، قد يمتثل هذا التحريم، فيترك المقدّمة المحرّمة.

والآخر: تحريم الحصّة التي لم يرد بها التوصّل إلى ذي المقدّمة، وهذا أيضاً يفيد نفس الفائدة.

نعم، لو فرغنا عن تحريم الحصّة غير الموصلة، يبقى تحريم ما لم يرد بها التوصّل غير مؤثّر في تقريب المولى نحو المقصود، وكذلك العكس، إذن فما هو المعيّن لكون التحريم بالنحو الأوّل، لا بالنحو الثاني؟!



(1) أو قل: لا يوجد غرض لزوميّ آخر إلّا مسألة قبح التجرّي وحسن الانقياد، والمفروض: أنّ نفس النهي عن الغصب والأمر بالانقياد يدعوان إلى الانقياد وعدم التجرّي، ولم يكن أمر إلزاميّ آخر بالانقياد أو نهي عن التجرّي.