المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

528

قلت:

أوّلا: إنّه بعد أن كان خروج الحصّة الموصلة التي قصد بها التوصّل عن التحريم متيقّناً، ودار الأمر بين أن تكون الموصلة التي لم يقصد بها التوصّل أيضاً غير حرام، ويكون غير الموصل الذي قصد به التوصّل حراماً، أو بالعكس، فالترجيح للأوّل على الثاني؛ لأنّ الثاني يستبطن الإلزام بقصد التوصّل دون الأوّل، وقد قلنا: إنّ المولى لا يريد الإلزام بقصد التوصّل(1).

وثانياً: إنّه لو فرض: أنّ المولى حرّم المقدّمة التي لم يقصد بها التوصّل دون المقدّمة غير الموصلة، لزم من ذلك أنّه لو علم العبد بأنّه بعد إتيانه بهذه المقدّمة سوف يأتي بذي المقدّمة، لكنّه لم يقصد التوصّل بهذه المقدّمة، كان إتيانه بهذه المقدّمة حراماً، مع أنّ هذا التحريم لا يقرّب المولى إلى أغراضه عدا أنّه يوجب إلزام العبد بقصد التوصّل الذي قلنا: إنّه لا يريده المولى(2).

وثالثاً: إنّ هناك قرينة ارتكازيّة متّصلة تقيّد كلّ تكليف بعدم الاشتغال بمزاحم مساو أو أهمّ، وهذا ـ لا محالة ـ يقيّد حرمة المقدّمة بعدم الاشتغال بذي المقدّمة الأهمّ حسب الفرض، وهذا يعني اختصاص الحرمة بغير الموصل، فليست القضيّة قضيّة تخصيص مردّد أمره بين تخصيصين: فإمّا أن يخرج الموصل أو يخرج ما



(1) المولى وإن كان لا يريد الإلزام بقصد التوصّل، لكنّه لا يضرّه ذلك أيضاً، فالمهمّ: أنّه لمّا كان لا يريد الإلزام بقصد التوصّل، كان تحريم المقدّمة التي لم يقصد بها التوصّل في فرض علم العبد بأنّه بعد إتيانه بالمقدّمة سيأتي بذي المقدّمة تحريماً بلا غرض؛ لأنّه لا يقرّب المولى إلى أغراضه عدا هذا الإلزام الذي لا يريده، وهذا رجوع إلى الوجه الثاني.

(2) بل إنّ هذا التحريم قد يكون دعوة للعبد إلى ما يضرّ المولى، وذلك حينما يكون الإنقاذ أهمّ، فتكون مصلحة المولى في فرض الموصليّة ـ برغم عدم قصد التوصّل حين الاجتياز ـ مقتضية للاجتياز، لا لعدم الاجتياز.