المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

530

الواجب على ترك عبادة بناءً على توقّف أحد الضدّين على ترك الآخر، فترك ذلك الواجب وأتى بتلك العبادة، فيمكن أن يقال: إنّه بناءً على المقدّمة الموصلة لا تبطل عبادته، وبناءً على وجوب مطلق المقدّمة تبطل عبادته على القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ، وأنّ النهي في العبادات يوجب الفساد.

وهذه الثمرة قد بيّنها في الكفاية بعبارة تحتمل أحد تفسيرين(1):

التفسير الأوّل: أن يقال: إنّ أيّ قيد اُخذ في أحد النقيضين ينبغي أخذه في النقيض الآخر حفظاً للتناقض، فمثلا نقيض الصوم في يوم الجمعة هو ترك الصوم في يوم الجمعة، وعليه فالواجب إذا كان هو ترك الصلاة مثلاً مطلقاً، ففعلها حرام، فتبطل، وأمّا إذا كان الواجب هو ترك الصلاة المقيّد بترتّب الإزالة مثلا، فنقيضه هو الصلاة المقيّدة أيضاً بترتّب الإزالة، ومن الواضح: أنّه لو صلّى لم تترتّب الإزالة لفرض التضادّ بينهما، فلا تكون هذه الصلاة محرّمة، فلا تكون باطلة.

وهذا التقريب للثمرة واضح البطلان، بداهة أنّ أخذ قيد ترتّب الإزالة في طرف ترك الصلاة لا يوجب أخذه في طرف الصلاة، فإنّه ليس القيد المأخوذ في أحد النقيضين يؤخذ في عدمه، بمعنى كون نقيضه عدمه المقيّد بذلك القيد، وإنّما القيد المأخوذ في أحد النقيضين يؤخذ فيما يضاف إليه عدمه، أي: أنّ الوجود المقيّد بقيد يكون نقيضه هو عدم المقيّد، لا العدم المقيّد، وكم فرق بينهما.

التفسير الثاني: أن يقال: إنّه إذا قلنا بوجوب مطلق المقدّمة، فترك الصلاة يجب على الإطلاق، ففعلها يحرم على الإطلاق، فيقع باطلا. أمّا إذا قلنا بوجوب خصوص الموصلة، فمعنى ذلك: أنّ الوجوب مشروط بترتّب الإزالة، إذن فكلّ



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 192 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكينيّ.