المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

545

مثلا حراماً، واجتمع العنوانان في الحصّة غير الموصلة من المقدّمة.

أمّا لو قلنا بأنّ المقدّمة حيثيّة تعليليّة للوجوب، وكانت الحرمة متعلّقة بعنوان غير العنوان الذي يكون الشيء بذلك العنوان مقدّمة للواجب، فقد يتخيّل: أنّ الفرض يدخل هنا أيضاً في باب الاجتماع، فيقال مثلا: لو فرضنا أنّ إنقاذ الغريق يتوقّف على اجتياز الأرض المغصوبة، وأنّ الحرام هو الغصب، وفرض: أنّ عنوان الاجتياز غير عنوان الغصب، فهذا يدخل في باب الاجتماع؛ لتعدّد عنواني الواجب والحرام مع وجود المندوحة؛ إذ لو أتى بالمقدّمة الموصلة، فقد فعل الواجب وترك الحرام؛ لأنّ الحصّة الموصلة حرمتها مرتفعة بالمزاحمة مع وجوب ذي المقدّمة الأهمّ، فلا يقال: إنّه لا يمكن الاجتماع لعدم المندوحة.

إلّا أنّ الواقع: أنّ هذا الكلام غير صحيح؛ وذلك لأنّه وإن كان الاجتياز المتوقّف عليه الواجب مع الغصب الحرام مثلا عنوانين متباينين حسب الفرض، إلّا أنّنا ننقل الكلام إلى مقدّمة المقدّمة، أعني: إرادة الاجتياز، فنقول: إنّ إرادة الاجتياز واجبة ولو لم توصل إلى الإنقاذ؛ لأنّ المفروض عدم إمكان اختصاص الوجوب بالموصل، ومن ناحية اُخرى تكون إرادة الاجتياز مع عدم إرادة الإنقاذ بمجموعهما محرّماً؛ لأنّهما بمجموعهما علّة تامّة للحرام، وهو الغصب غير الموصل، فإنّه ليست علّة الغصب منحصرة في إرادة عنوان الغصب، بل إرادة أيّ عنوان آخر ينطبق على معنون الغصب تكون علّة للغصب، إذن فإرادة الاجتياز حرام ضمنيّ، وهي في نفس الوقت واجبة بالوجوب المقدّميّ، فلزم اجتماع الوجوب والحرمة على عنوان واحد، وهذا غير معقول، فيقع التعارض بين دليل وجوب ذي المقدّمة ودليل حرمة المقدّمة، بينما هذا البيان لا يأتي في القسم الثالث، وهو ما لو كان للمقدّمة فردان: أحدهما حرام، والآخر مباح، كما لو كان هناك طريقان: أحدهما مغصوب، والآخر غير مغصوب، فإنّه هنا حتّى لو نقلنا