المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

548

دعوى: استظهاريّة المجّانيّة من دليل الوجوب، وهذه النكتة غير موجودة فيالمقدّمة حتّى لو قيل بوجوبها الغيريّ؛ لأنّ مجرّد وجوبها الغيريّ لا يقتضي الإلزام بها مجّاناً، وإنّما المجّانيّة أمر زائد وراء دليل الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته، وليس وجوب المقدّمة وجوباً مستفاداً من دليل لفظيّ يأمر بها، ويستظهر منه: أنّ المولى يريد هذا العمل مجاناً، والنكتة الثانية هي دعوى: أنّ أخذ الاُجرة إنّما هو في عمل يكون للعامل سلطان عليه، أي: له أن يفعل وله أن لا يفعل، فيبذل له المال حتّى يفعل. وأمّا إذا كان ملزماً على العمل بعبوديّته، فكأنّه لا سلطان له على عمله، والعقلاء يرون أنّ هذا العمل لهذا الشخص ليست له ماليّة؛ إذ لابدّ أن يأتي به على كلّ حال.

وهذه النكتة إن تمّت فهي ثابتة في المقدّمة مطلقاً، فإنّه ـ على أيّ حال ـ مضطرّ من ناحية العبوديّة والامتثال إلى الإتيان بالمقدّمة، سواء فرضناها واجبة، أم لا.

وقد تذكر كبرى اُخرى للانتهاء إلى أثر عمليّ، وهي كبرى: أنّ الفاسق لا يجوز الائتمام به. ولا يخفى: أنّه ـ بناءً على ما هو الصحيح من كفاية مخالفة واحدة في تحقّق الفسق ـ لا موضوع لهذه الثمرة؛ إذ لو ترك المقدّمة، فعلى كلّ حال قد ترك ذا المقدّمة.

نعم، تذكر هذه الثمرة بناءً على أنّ الفسق يكون بارتكاب الكبيرة والإصرار على الصغائر، فإذا كان ذو المقدّمة من الصغائر، فقد يقال: إنّه لو بنى على عدم وجوب المقدّمات، فلم تصدر منه إلّا صغيرة واحدة، ولو بنى على وجوبها، فقد صدرت منه صغائر متعدّدة.

إلّا أنّ هذا أيضاً غير صحيح لو سلّم مبناه:

أمّا أوّلا: فلأنّ عنوان الإصرار على الصغائر ـ على تقدير دخله في الفسق ـ