المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

549

لا تقصد به صغائر لا توجد عند العقل قبح بعددها، ولا يثبت استحقاق العقاب فيمقابلها، ووجوب المقدّمة ـ على ما مضى ـ لا يستوجب تنجيزاً ولا عقاباً؛ فإنّ دليل اشتراط الإصرار ندّعي ظهوره في إرادة تعدّد المعصية بشكل يوجب تعدّد القبح العقليّ والعقاب.

وأمّا ثانياً: فلو سلّم تعميم عنوان الإصرار لذلك، فهو حالة نفسانيّة ملازمة لتعدّد المخالفة، ولا يثبت انتفاؤه باستصحاب عدم الوجوب، وذلك بناءً على أنّ موضوع الحكم هو الإصرار على الذنب بنحو التقييد، لا الإصرار على الشيء، وكون ذلك الشيء ذنباً بنحو التركيب، وإلّا فالإصرار هنا متحقّق بتعدّد ما تركه، وكون ذلك ذنباً منفيّ باستصحاب العدم، فيثبت بذلك انتفاء الموضوع، والظاهر هو التقييد؛ فإنّ الظاهر: أنّه إنّما اُخذ الإصرار على الذنب موضوعاً لحكم الفسق بما هو إصرار في مقابل المولى.

وقد تذكر كبرى ثالثة للانتهاء إلى أثر عمليّ، وهي كبرى: براءة ذمّة الناذر لو نذر أن يأتي بواجب، فبناءً على وجوب المقدّمة تفرغ ذمّته بمجرّد الإتيان بها، بخلاف ما لو بنينا على عدم وجوبها، فيجري استصحاب عدم وجوب المقدّمة.

وهذا المطلب أيضاً مربوط بنكتة، وهي تحقيق: أنّ وجوب الوفاء بالنذر هل موضوعه عنوان الوفاء بالنذر، أو العنوان الذي وقع عليه النذر، والتزم به الناذر كصلاة ركعتين مثلا، وإنّما اُخذ عنوان الوفاء بالنذر في الدليل طريقاً ومشيراً إلى ذلك العمل؟

فعلى الأوّل يكون الاستصحاب مثبتاً؛ إذ لا ينفي عنوان الوفاء إلّا بالملازمة العقليّة؛ لأنّ عنوان الوفاء لازم عقليّ لوجوب المقدّمة، وعلى الثاني لا بأس بإجراء الاستصحاب، فإنّ الحكم الشرعيّ عبارة عن وجوب الإتيان بشيء مشروطاً بأن يكون ذلك الشيء فرداً من الواجبات، فإذا نفينا هذا الشرط بالاستصحاب، لم ينطبق