المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

551

الوجوب، فالوضوء مثلا غير واجب قبل الزوال، فيمكن استصحاب عدم وجوبه(1).

وتحقيق الحال: أنّ الملازمة لها معنيان:

1 ـ الملازمة بمعنى القضيّة الشرطيّة، أي: لو وجد هذا لوجد ذاك، وهي ـ على فرض صدقها ـ صادقة قبل وجود طرفيها في العالم، وهي أزليّة وجوداً أو عدماً، فلا معنى للاستصحاب فيها.

2 ـ الملازمة بنحو القضيّة الفعليّة، أي: كون هذا بالفعل قد أوجد ذاك، وهذا أمر حادث، فإنّ علّيّة كلّ شيء بهذا المعنى فرع وجوده، وما لم يوجد لم يكن موجداً، فلاستصحاب عدم العلّيّة بهذا المعنى مجال.

الوجه الثاني: ما لا يختصّ بالاستصحاب بلحاظ الملازمة، بل يشمل الاستصحاب بلحاظ الوجوب أيضاً، وهو: أنّنا نريد طبعاً بهذا الاستصحاب أن ننفي الوجوب الغيريّ للمقدّمة مع علمنا بالوجوب النفسيّ لذي المقدّمة، وهذا يؤدّي إلى احتمال ارتكاب المحال؛ لأنّنا نحتمل الملازمة بين الوجوبين، فنفي وجوب المقدّمة من المحتمل كونه تفكيكاً بين المتلازمين، وهو محال، وهذا بخلاف استصحاب عدم الوجوب في سائر الموارد، فمثلا حينما نستصحب عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال لسنا نحتمل ارتكاب المحال، أمّا هنا فنحن نحتمل استحالة الانفكاك بين الوجوبين، فكيف نرتكبه بالاستصحاب؟

وقد ذكر صاحب الكفاية في مقام الجواب على هذا الإشكال: أنّ هذا الاستصحاب لا ينفي الوجوب الغيريّ واقعاً، وإنّما ينفي فعليّته كما هو الحال في



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 199 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكينيّ (رحمه الله).