المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

554

وأمّا المطلب الثاني: وهو ورود الإشكال لو كانت الملازمة في المرحلتين، فلو التزمنا: أنّ الاستصحاب يرفع الحكم الفعليّ، بأن اخترنا مصطلح صاحب الكفاية، والتزمنا: أنّ الملازمة أيضاً محتملة بين الفعليّتين، فبناءً على هذا يعترف المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) بورود الإشكال، إلّا أنّ المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) في حاشيته على الكفاية لا يقبل ذلك، ويقول: إنّ فرض أداء الاستصحاب إلى احتمال وقوع المحال لا يمنع عن جريانه، فإنّه إذا قام الدليل من قبل المولى على هذا الاستصحاب، لم يصحّ طرحه لمجرّد احتمال الاستحالة؛ إذ لا يجوز رفع اليد عن دليل إلّا مع القطع ببطلانه، واحتمال الاستحالة لا يساوق القطع بالبطلان، وإنّما يساوق احتمال البطلان(1).

أقول: صحيحٌ: أنّ احتمال استحالة شيء لا يمنع عن التعبّد بوقوع ذلك الشيء، وحجّيّة الدليل الذي دلّ عليه، فلو شككنا في استحالة تكلّم الميّت، وقامت بيّنة عادلة على أنّه تكلّم الميّت، كانت تلك البيّنة حجّة، ولو شككنا في إمكان حجّيّة خبر الواحد بعد الفراغ عن إمكان التعبّد بظنون اُخرى كالظهور، ودلّ ظهور آية أو سنّة متواترة على حجّيّة خبر الواحد، تعبّدنا بحجّيّة خبر الواحد، ولا يمنعنا عن ذلك احتمال استحالة حجّيّة خبر الواحد، إلّا أنّ هذا الكلام فيما نحن فيه لا يجري وإن كان متيناً في مثل هذين المثالين؛ وذلك لأنّ ما نحتمل استحالته في مورد هذين المثالين وشبههما هو ما دلّ عليه الدليل الذي تعبّدنا به من تكلّم الميّت، أو حجّيّة خبر الواحد، أو نحو ذلك، وأمّا نفس التعبّد بهذه الاُمور الذي هو ثابت بالوجدان لا بالتعبّد، فلم نكن نحتمل استحالته، وأمّا في المقام، فنفس التعبّد بعدم وجوب المقدّمة الراجع ـ بناءً على مباني صاحب الكفاية ـ إلى عدم فعليّة وجوبها



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 169 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.