المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

555

قد فرض احتمال استحالته، وهذا التعبّد ليس المفروض: أنّه شيء نتعبّد به، وإنّما المفروض: أنّه شيء ثابت بالوجدان، وليس كالتعبّد بتكلّم الميّت، أو حجّيّة خبر الواحد في المثالين السابقين، وما تحتمل استحالته لا يعقل ثبوته بالوجدان ولو قام دليل قطعيّ في المقام على الاستصحاب أوجب ذلك القطع بعدم الاستحالة، وعدم الملازمة بين الفعليّتين، ولم نحتج إلى نفي الفعليّة تعبّداً بالأصل.

الوجه الثالث: مبنيّ على مقدّمتين:

الاُولى: أنّ الاستصحاب باعتباره تصرّفاً شرعيّاً لا يقع إلّا على مجعولات الشارع، وما يكون تحت تصرّفه جعلا ورفعاً، ومن هنا يشترط كون المستصحب مجعولا شرعيّاً، أو موضوعاً لمجعول شرعيّ حتّى ينتهي الاستصحاب إلى التصرّف في الجعل الشرعيّ.

الثانية: أنّ وجوب المقدّمة ليس مجعولا شرعيّاً؛ لأنّ وجوب المقدّمة من لوازم ماهيّة وجوب ذي المقدّمة، ولوازم الماهيّة غير مجعولة لا بسيطاً ولا تأليفيّاً.

وقد أجاب عن ذلك صاحب الكفاية بأنّ وجوب المقدّمة وإن لم يكن مجعولا بالأصالة، لكنّه مجعول بالعرض باعتبار مجعوليّة ملزومه، وكونه مجعولا بالعرض يكفي في إجراء الاستصحاب(1).

وتحقيق الحال في ذلك يتمّ بالكلام في ثلاث نقاط:

النقطة الاُولى: في المقدّمة الاُولى.

والنقطة الثانية: في المقدّمة الثانية.

والنقطة الثالثة: في أنّه لو تمّت المقدّمتان، فهل يتمّ الإشكال، أو لا؟



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 199 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكينيّ (رحمه الله).