المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

557

الوجود واعتباريّة الماهيّة، فإنّ الماهيّة ـ بغضّ النظر عن الوجود ـ أمر اعتباريّ صرف، لا يمكن أن تكون مؤثّرة في شيء، وعلّةً للازم، فاللازم دائماً هو لازم الوجود، غاية الأمر: أنّه تارةً يكون لازماً لكلا نحوي الوجود، أي: الذهنيّ والخارجيّ، وهذا يسمّى لازم الماهيّة، من قبيل الزوجيّة للأربعة، واُخرى يكون لازماً للوجود الخارجيّ فقط، وهذا يسمّى لازم الوجود، من قبيل الحرارة التي لا تثبت إلّا للنار الموجودة خارجاً، دون النار الموجودة في الذهن(1).

وهذا الاعتراض غير صحيح؛ إذ إنّنا ندرك بالضرورة أنّ الماهيّة يثبت لها بعض اللوازم ولو قيّدت بعدم الوجود الخارجيّ والذهني معاً، فيصدق قولنا: إنّ الأربعة المعدومة بقول مطلق زوج، وإنّ الإنسان المعدوم بقول مطلق ممكن، ونحن حينما نحضر في ذهننا الأربعة المعدومة، أو الإنسان المعدوم، فبهذا وإن أصبحت الأربعة أو الإنسان موجوداً في الذهن بالحمل الشايع، لكنّه بالحمل الأوّليّ أربعة معدومة، أو إنسان معدوم، ويصحّ حمل الزوجيّة أو الإمكان عليه حتّى مع لحاظه بالحمل الأوّليّ، وهذا آية: أنّ الزوجيّة أو الإمكان لا تحتاج إلى الوجود أصلا، وأمّا ما اُثيرت من الشبهة وهي: أنّ الماهيّة أمر اعتباريّ بناءً على أصالة الوجود، فلا يمكن أن تؤثّر، ففي غير محلّها، فإنّ لازم الماهيّة نسبته إلى الماهيّة نسبة الصفة إلى الموضوع، لا نسبة المعلول إلى العلّة(2)، فإمكان الإنسان موضوعه الإنسان،



(1) راجع نهاية الدراية، ج 2، ص 166، تحت الخطّ بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.

(2) لا يخفى: أنّ الشيخ الإصفهانيّ (رحمه الله) لم يدّعِ أنّ لازم الماهيّة لو كان، لكان معلولا للماهيّة، في حين أنّ الماهيّة أمر اعتباريّ محض، ولا يمكن لها التأثير، بل ادّعى: أنّ لازم الماهيّة لو كان، فهو منتزع من الماهيّة، في حين أنّه لا يمكن انتزاع ماهيّة من ماهيّة اُخرى، وإلّا لكان الاستلزام والاستتباع جزء ذات الماهيّة.