المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

558

وزوجيّة الأربعة موضوعها الأربعة، لا أنّ الأربعة علّة للزوجيّة، والإنسان علّة للإمكان؛ لأنّ لوازم الماهيّة ليس لها وجود أصلا، بل هي واقعيّة بنفسها، لا بوجودها، ولوح الواقع أوسع من لوح الوجود، فهناك أشياء واقعيّة بنفسها، و هناك أشياء واقعيّة بوجودها، فإمكان الإنسان مثلا له واقعيّة بنفسه بلا وجود، ولا علّة له، فهو كالواجب بالذات، إلّا أنّه ليس موجوداً، فلم يلزم تعدّد واجب الوجود بالذات.

فتحصّل: أنّه صحيح ما يقال: من أنّ لوازم الماهيّة ما تكفي نفس الماهيّة في ثبوتها، ولوازم الوجود ما لا يكون ثابتاً إلّا بعد الوجود، ومن هنا ينقدح: أنّ لوازم الماهيّة ليست مجعولة أصلا، بخلاف لوازم الوجود، أمّا مجعوليّة لوازم الوجود، فلأنّها معلولة للوجود، فهي مجعولة بالمباشرة للوجود، ومجعولة بالتبع من قبل خالق هذا الوجود، وأمّا عدم مجعوليّة لوازم الماهيّة فلأنّها ذاتيّة للماهيّة بلا علّة أصلا، فصحّ أن يقال: إنّ لوازم الماهيّة مجعولة بالعرض، أي: أنّ من يجعل ويوجد ماهيّة الأربعة، يكون هذا الجعل من قبله جعلا لماهيّة الأربعة حقيقة، وللزوجيّة مسامحة وعناية وبالعرض، وهذا غير مصطلح الجعل بالتبع، فإنّ الجعل بالتبع يقال بالنسبة للوازم الوجود، فالحرارة إذا قيست إلى النار، فهي مجعولة مباشرة، وإذا قيست إلى خالق النار، فهي مجعولة بالتبع، فالجعل بالتبع جعل حقيقيّ، والجعل بالعرض جعل عنائيّ.

إذا عرفت كلّ هذا، جئنا إلى المقام؛ لنرى: أنّ وجوب المقدّمة هل هو من لوازم الماهيّة، أو من لوازم الوجود؟

ظاهر تعبير المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) ـ إن كان جارياً على المصطلحات بالدقّة ـ: أنّه من لوازم الماهيّة؛ إذ عبّر بأنّه مجعول بالعرض، ولم يعبّر بأنّه مجعول بالتبع(1)،



(1) بل صرّح في ضمن ذكر الإشكال على الاستصحاب بأنّ وجوب المقدّمة من لوازم ماهيّة وجوب ذيها.