المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

560

استدعاء وجوب ذي المقدّمة وجوب المقدّمة وعدمه

الجهة الثامنة: في تحقيق أصل المطلب، وهو: أنّ وجوب ذي المقدّمة هل يستدعي وجوب المقدّمة، أو لا؟

فنقول: إنّ الحكم بمعنى الجعل والإنشاء الثابت على ذي المقدّمة له مبدءان: الشوق والملاك. أمّا في مرحلة الملاك، فلا ينبغي الخلاف في مسألة ثبوت الملازمة بين ذي المقدّمة والمقدّمة فيه، بداهة: أنّه إن اُريد كون ثبوت الملاك النفسيّ في ذي المقدّمة مستلزماً لثبوت الملاك النفسيّ في المقدّمة، فهو واضح البطلان، وإن اُريد كونه مستلزماً لثبوت الملاك الغيريّ في المقدّمة، فهو بديهيّ الصحّة، فيجب أن يرجع الخلاف والنزاع: إمّا إلى مرحلة الجعل والإنشاء، أو إلى مرحلة الشوق والبغض، فنقول:

أمّا مرحلة الجعل والإنشاء، فدعوى الملازمة فيها باطلة، وتوضيح ذلك: أنّ الملازمة بين شيئين: إمّا أن يقصد بها: كون أحدهما مستتبعاً للآخر قهراً وبلا اختيار، أو يقصد بها: أنّ أحدهما يوجد المناسبة والداعي في نفس الفاعل بالاختيار لإيجاد الشيء الثاني.

فإن قصد في المقام الأوّل، فهو واضح البطلان، فإنّ كلا الجعلين والإنشاءين من الأفعال الاختياريّة للمولى، تصدر عن قصد وإرادة، والملازمة بهذا المعنى غير معقولة بين فعلين اختياريّين، وتكون خلف كون اللازم فعلا اختياريّاً صادراً عن قصد وإرادة، وإن قصد الثاني، بمعنى: أنّ وجوب ذي المقدّمة يستوجب مناسبة وداعياً في نفس المولى لجعل الوجوب وإنشائه على المقدّمة، فهذا أيضاً باطل، فإنّ جعل الحكم وإنشاءه عادةً يكون له أحد داعيين:

الأوّل: داعي إبراز ما في نفس الجاعل من شوق وبغض.