المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

562

الوجدان، لنرى: أنّه هل يحكم بالملازمة بين الشوق إلى الشيء والشوق إلى مقدّمته، أو لا، فلو أنّ أحداً لم يدرك بوجدانه هذه الملازمة، لم يكن له بالإمكان أن يصل إلى هذه الملازمة ببرهان عقليّ صحيح، وبمجرّد التفكير والتأمّل.

والصحيح عندي هو شهادة الوجدان بهذه الملازمة، بل كأنّ المنكرين للملازمة كالسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة لا ينكرون الملازمة بين الشوقين، فقد اعترف السيّد الاُستاذ بثبوت الملازمة بين الشوقين، إلّا أنّه قال: إنّ هذا ليس قولا بوجوب المقدّمة؛ لأنّ الوجوب حكم شرعيّ، والحبّ والشوق ليس حكماً شرعيّاً.

إلّا أنّ الصحيح: أنّ هذا هو قول بوجوب المقدّمة، فإنّنا لا نبحث إلّا بمقدار الثمرة، ولا نقصد مجرّد بحث في عالم الألفاظ، وقد كانت الثمرة عبارة عن لزوم التعارض بين دليل وجوب ذي المقدّمة ودليل حرمة المقدّمة إذا كان وجوب ذي المقدّمة مستلزماً لوجوب المقدّمة، وهذه الثمرة ـ كماترى ـ يكفي فيها مجرّد سراية الشوق والحبّ إلى المقدّمة، فإنّه يلزم من ذلك كون مصبّ الحبّ والبغض شيئاً واحداً، وهو مستحيل، وموجب للتعارض، ولا فرق في ذلك بين فرض القول بجعل الوجوب وإنشائه للمقدّمة وعدمه.

هذا ما ينبغي أن يقال في المقام.

وقد يستدلّ على وجوب المقدّمة بوجوه اُخرى:

الوجه الأوّل: أن تدّعى صغرويّاً الملازمة في باب الإرادات التكوينيّة، ويدّعى كبرويّاً: أنّ ما يصدق في الإرادات التكوينيّة يصدق ما يوازيه في الإرادات التشريعيّة.

وتوضّح الصغرى في المقام بأحد بيانين:

البيان الأوّل: أنّنا نرى: أنّ من يشتاق إلى شيء ويريده بالإرادة التكوينيّة،