المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

564

المقدّمة، فلعلّ المولى اكتفى بذلك، بل إنّ أمر المولى بالمقدّمة ليس له أيّ دخل في حفظ المقدّمة، على ما مضى: من أنّ الوجوب الغيريّ لا يستتبع ثواباً ولا عقاباً، ولا يتنجّز على العبد، وليست له إطاعة ولا معصية.

الوجه الثاني: ما يقال: من أنّه إن لم تجب المقدّمة، لجاز تركها، وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه، لزم التكليف بما لا يطاق، وإلّا خرج الواجب المطلق عن كونه واجباً مطلقاً.

وقد حاول صاحب الكفاية(1) إصلاح هذا الوجه بحمل جواز الترك على عدم المنع، وإلّا فمن الواضح عدم الملازمة بين عدم الوجوب والإباحة الشرعيّة، وبحمل لزوم التكليف بما لا يطاق عندئذ على لزوم ذلك إذا ترك المقدّمة، لا على لزومه بمجرّد جواز ترك المقدّمة؛ بداهة: أنّ مجرّد جواز ترك المقدّمة لا يسلب القدرة.

ثمّ أورد عليه بأنّه مع ترك المقدّمة يسقط الوجوب، لا بكونه مشروطاً بالإتيان بالمقدّمة، بل بالعصيان.

أقول: ويمكن تعديل الدليل بصياغة اُخرى، وهي أن يقال: لو لم تجب المقدّمة، لجاز تركها، ومع جواز الترك: إن كان يترتّب من تبعة الترك عقاب على العبد، كان ذلك خلف الجواز، وإن لم يكن يترتّب عليه من تبعة الترك أيّ عقاب، كان معنى ذلك انقلاب الواجب المطلق إلى الواجب المشروط.

والجواب: أنّ الترك وإن كان يستتبع عقاباً، ولكن ليس هذا عقاباً على ذات ترك المقدّمة حتّى ينافي جوازه، بل عقاب على ما استتبعه الترك من ترك ذي



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 201 بحسب الطبعة المشتملة في الحواشي على تعليقات المشكينيّ (رحمه الله). وأصل الوجه منسوب في الكفاية إلى أبي الحسن البصريّ.