المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

565

المقدّمة، وهذا لا ينافي جوازه. نعم، ينافي ظاهر تصريح المولى بالجواز، حيث إنّ ظاهر ذلك عرفاً هو: أنّ الترك لا يستتبع عقاباً ولو بلوازمه، إلّا أنّ كلامنا ليس في فرضيّة تصريح المولى بالجواز، والظهور العرفيّ لهذا التصريح.

الوجه الثالث: أنّ صدور الأوامر العرفيّة أو الشرعيّة أحياناً بالمقدّمة دليل على المقصود، فإنّ تلك الأوامر ليس لها إلّا الملاك الغيريّ، أعني: ملاك توقّف المطلوب النفسيّ عليه، فإن تمّ ذلك ملاكاً لوجوب المقدّمة، تمّ في كلّ الموارد؛ لأنّ الملازمة لا تتبعّض، وإن لم يتمّ، لم يصحّ الأمر في تلك الموارد.

ويرد عليه: أنّ تلك الأوامر يمكن حملها على الإرشاد إلى المقدّميّة والشرطيّة، فإن اُريد التمسّك بظهور الأمر في كونه تكليفاً وإيجاباً، لا إرشاداً إلى المقدّميّة والشرطيّة، فيصبح الدليل دليلا تعبّديّاً لا وجدانيّاً، ورد عليه إنكار هذا الظهور في الأوامر الواردة في المقدّمات والشرائط، بل ظاهرها أنّها لتحقيق الواجب النفسيّ وتحصيله، لا للتكليف المستقلّ بالمقدّمة والشرط.

على أنّنا نقول: من الذي يتمسّك بهذا الظهور؟! هل هو الذي يجد في وجدانه حبّ المقدّمة عندما يحبّ ذا المقدّمة، أو الذي لا يجد في وجدانه ذلك؟!

أمّا الأوّل، فهو يعرف بالقطع واليقين وجوب المقدّمة مطلقاً؛ لأنّ المفروض: أنّ الملازمة لا تتبعّض، ولا تختلف من شخص إلى شخص، أو من مورد إلى مورد. وأمّا الثاني فهو يعرف بالقطع واليقين عدم وجوب المقدّمة مطلقاً؛ لأنّ المفروض: أنّ الملازمة لا تتبعّض، وأمّا لو فرضنا تطرّق احتمال التبعّض من شخص إلى شخص، ومورد إلى مورد، فهذا الدليل ينهار من أساسه؛ إذ لا يكون حينئذ ورود الأوامر العرفيّة، أو الشرعيّة في بعض الموارد دليلا على وجوب المقدّمة مطلقاً.

نعم، على فرض الشكّ في الوجدانات قد يتمّ الاستدلال بهذا الوجه.

فالصحيح في تحقيق المطلب هو ما مضى منّا.